اجلس، ومعاذ يقول: لا أجلس، فعلى هذا قوله: ثلاث مرات من كلام الراوي لا تتمة كلام معاذ. قوله: فأمر به فقتل وفي رواية أيوب: فقال: والله لا أقعد حتى تضرب عنقه، فضرب عنقه. وفي رواية الطبراني التي مضت الآن: فأتى بحطب فألهب فيه النار فكتفه وطرحه فيها، ويمكن الجمع بين الروايتين بأنه ضرب عنقه ثم ألقاه في النار، ويؤخذ منه أن معاذا وأبا موسى كانا يريان جواز التعذيب بالنار وإحراق المرتد بالنار ومبالغة في إهانته وترهيبا من الاقتداء به، وقد مر أن عليا رضي الله تعالى عنه، أحرق الزنادقة بالنار، وقال الداودي: إحراق علي، رضي الله تعالى عنه، الزنادقة ليس بخطأ، لأنه قال لقوم: إن لقيتم فلانا وفلانا فأحرقوهم بالنار، ثم قال: إن لقيتموهما فاقتلوهما فإنه لا ينبغي أن يعذب بعذاب الله، ولم يكن، يقول في الغضب والرضا إلا حقا، قال الله تعالى: * (وما ينطق عن الهوى) * قوله: فأرجو في نومتي بالنون أي نومي ما أرجو في قومتي بالقاف أي: في قيامي بالليل، وفي رواية سعيد: وأحتسب في نومتي ما أحتسب في قومتي، كما مر في المغازي، وحاصله أن يرجو الأجر في ترويح نفسه بالنوم ليكون أنشط له في القيام.
3 ((باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة)) أي: هذا باب في بيان جواز قتل من أبى أي: امتنع من قبول الفرائض أي: الأحكام الواجبة. قوله: وما نسبوا إلى الردة قال الكرماني: ما، نافية، وقيل: مصدرية، أي: ونسبتهم إلى الردة. قلت: الأظهر أنها موصولة والتقدير: وقتل الذين نسبوا إلى الردة، والله أعلم.
وهذا مختلف فيه.
فمن أبى أداء الزكاة وهو مقر بوجوبها، فإن كان بين ظهرانينا ولم يطلب حربا ولا امتنع بالسيف فإنها تؤخذ منه قهرا وتدفع للمساكين ولا يقتل، وإنما قاتل الصديق، رضي الله تعالى عنه، مانعي الزكاة لأنهم امتنعوا بالسيف ونصبوا الحرب للأمة، وأجمع العلماء على أن من نصب الحرب في منع فريضة أو منع حقا يجب عليه لآدمي وجب قتاله، فإن أبى القتل على نفسه فدمه هدر.
وأما الصلاة فمذهب الجماعة أن من تركها جاحدا فهو مرتد فيستتاب فإن تاب وإلا قتل، وكذلك جحد سائر الفرائض واختلفوا فيمن تركها تكاسلا، وقال: لست أفعلها، فمذهب الشافعي إذا ترك صلاة واحدة حتى أخرجها عن وقتها أي: وقت الضرورة، فإنه يقتل بعد الاستتابة إذا أصر على الترك، والصحيح عنده أنه يقتل حدا لا كفرا. ومذهب مالك أنه يقال له: صل ما دام الوقت باقيا، فإن صلى ترك وإن امتنع حتى خرج الوقت قتل. ثم اختلفوا، فقال بعضهم: يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال بعضهم: يقتل لأن هذا حد الله، عز وجل، يقام عليه لا تسقطه التوبة بفعل الصلاة، وهو بذلك فاسق كالزاني والقاتل لا كافر، وقال أحمد: تارك الصلاة مرتد كافر وماله فيء ويدفن في مقابر المسلمين، وسواء ترك الصلاة جاحدا أو تكاسلا. وقال أبو حنيفة والثوري والمزني: لا يقتل بوجه ولا يخلى بينه وبين الله تعالى. قلت: المشهور من مذهب أبي حنيفة أنه يعزر حتى يصلي، وقال بعض أصحابنا: يضرب حتى يخرج الدم من جلده.
6924 حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث عن عقيل، عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة قال: لما توفي النبي واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إلاه إلا الله؟ فمن قال: لا إلاه إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه، إلا بحقه وحسابه على الله؟ قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها، قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال