5 ((باب (( أي: هذا باب ذكر بغير ترجمة على عادته في مثل هذا، فهو كالفصل لما قبله من الباب، ولفظ: باب، محذوف عند ابن بطال وألحق حديث ابن مسعود في الباب الذي قبله.
6929 حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، قال: حدثني شقيق قال: قال عبد الله: كأني أنظر إلى النبي يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه، فأدموه، فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون انظر الحديث 3477 وجه ذكر هذا الحديث هنا من حيث إنه ملحق بالباب المترجم الذي فيه ترك النبي قتل ذاك القائل بقوله: السام عليك، وكان هذا من رفقه وصبره على أذى الكفار، والأنبياء، عليهم السلام، كانوا مأمورين بالصبر. قال الله تعالى: * (فاصب كما صبر أهل العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) * وفي هذا الحديث بيان صبر نبي من الأنبياء الذين أنفع غيره منهم. وأخرجه عن عمر بن حفص عن أبيه حفص بن غياث عن سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة أبي وائل وكلهم كوفيون.
والحديث مضى في بني إسرائيل بهذا السند. وأخرجه مسلم وابن ماجة كلاهما عن محمد بن نمير، فمسلم في المغازي وابن ماجة في الفتن.
قوله: قال عبد الله هو ابن مسعود، رضي الله تعالى عنه. قوله: يحكي نبيا النبي، هو الحاكي والمحكي عنه، ويحتمل أن يكون هذا النبي هو نوح، عليه السلام، لأن قومه كانوا يضربونه حتى يغمى عليه ثم يفيق، فيقول: اهد قومي فإنهم لا يعلمون. أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة نوح، عليه السلام، من حديث الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير به. قوله: أدموه بفتح الميم أي: جرحوه بحيث جرى عليه الدم.
((باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم)) أي: هذا باب في بيان قتل الخوارج... الخ، وهو جمع خارجة أي: طائفة خرجوا عن الدين وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لأنهم خرجوا على خيار المسلمين، وقال الشهرستاني في الملل والنحل كل من خرج على الإمام الحق فهو خارجي سواء في زمن الصحابة أو بعدهم، وقال الفقهاء: الخوارج غير الباغية وهم الذين خالفوا الإمام بتأويل باطل ظنا. والخوارج خالفوا لا بتأويل أو بتأويل باطل قطعا. وقيل: هم طائفة من المبتدعة لهم مقالات خاصة مثل: تكفير العبد بالكبيرة، وجواز كون الإمام من غير قريش، سموا به لخروجهم على الناس بمقالاتهم. قوله: والملحدين أي: وقتل الملحدين وهو جمع ملحد، وهو العادل عن الحق المائل إلى الباطل. قوله: بعد إقامة الحجة عليهم يشير البخاري بذلك إلى أنه لا يجب قتال خارجي ولا غيره إلا بعد الاعذار عليه، ودعوته إلى الحق وتبيين ما التبس عليه، فإن أبى عن الرجوع إلى الحق وجب قتاله بدليل الآية التي ذكرها.
وقول الله تعالى: * (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم) * أشار بهذه الآية الكريمة إلى أن قتال الخوارج والملحدين لا يجب إلا بعد إقامة الحجة عليهم، وإظهار بطلان دلائلهم، والدليل عليه هذه الآية لأنها تدل على أن الله لا يؤاخذ عباده حتى يبين لهم ما يأتون وما يذرون، وهكذا فسرها الضحاك. وقال مقاتل والكلبي: لما أنزل الله تعالى الفرائض فعمل بها الناس جاء ما نسخها من القرآن، وقد مات ناس وهم كانوا يعملون الأمر الأول من القبلة والخمر وأشباه ذلك، فسألوا عنه رسول الله فأنزل الله تعالى: * (وما كان الله ليضل قوما) * يعني: وما كان الله ليبطل عمل قوم عملوا بالمنسوخ حتى يبين لهم الناسخ. وقال الثعلبي: أي ما كان الله ليحكم عليكم بالضلال بعد استغفاركم للمشركين قبل أن يقدم إليكم بالنهي، أي: ما كان الله ليوقع الضلالة في قلوبكم بعد الهدى حتى يبين لهم ما يتقون أي: ما يخافون ويتركون. وقال الزمخشري: المراد مما يتقون ما يجب اتقاؤه للنهي.
وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله، وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين.
مطابقة هذا الأثر للترجمة ظاهرة، ووصله الطبري في تهذيب الآثار من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج أنه سأل