عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ٥٩
الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالراء ابن يسار بفتح الياء، آخر الحروف وتخفيف السين المهملة وبالراء المدني مولى الأنصار، وقال ابن سعد: كان شيخا كبيرا فقيها أدرك عامة الصحابة، ووثقه يحيى بن معين والنسائي وكناه محمد بن إسحاق: أبا كيسان، وهو يروي عن سهل بن أبي حثمة بفتح الحاء المهملة وسكون الثاء المثلثة، وقال الحافظ المزي: هو سهل بن عبد الله بن أبي حثمة بفتح الحاء المهملة والثاء المثلثة واسمه عامر بن ساعدة الأنصاري وكنيته أبو يحيى، وقيل: أبو محمد. والحديث مضى في الصلح وفي الجزية عن مسدد وفي الأدب عن سليمان بن حرب. وأخرجه بقية الجماعة، وقد ذكرناه. وأخرجه الطحاوي من أربع طرق صحاح. الأول: قال: حدثنا يونس قال: حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد سمع بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة قال: وجد عبد الله بن سهل قتيلا في قليب من قلب خيبر، فجاء أخوه عبد الرحمان بن سهل وعماه حويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى رسول الله فذهب عبد الرحمان ليتكلم فقال النبي الكبر الكبر ليتكلم أحد عميه إما حويصة وإما محيصة، فتكلم الكبير منهما، فقال: يا رسول الله إنا وجدنا عبد الله بن سهل قتيلا في قليب من قلب خيبر، وذكر عداوة اليهود لهم، قال: أفتبرئكم اليهود بخمسين يمينا أنهم لم يقتلوه؟ قال: فقلت: وكيف نرضى بأيمانهم وهم مشركون؟ قال: فيقسم منكم خمسون أنهم قتلوه؟ قالوا: كيف نقسم على ما لم نره، فوداه رسول الله من عنده. وإنما ذكرنا هذا لأنه كالشرح لحديث الباب.
قوله: زعم أي: قال، وليس في رواية ابن نمير: زعم، بل عنده: عن سهل بن أبي حثمة الأنصاري أنه أخبره. قوله: أن نفرا بفتح النون والفاء وهو رهط الإنسان وعشيرته وهو اسم جمع يقع على جماعة من الرجال خاصة ما بين الثلاثة إلى العشرة ولا واحد له من لفظه، وقد بين الطحاوي هؤلاء النفر وهم: عبد الرحمان بن سهل وعماه حويصة ومحيصة. قوله: ووجدوا أحدهم وهو عبد الله بن سهل. قوله: وقالوا للذي وجد فيهم أي: للذين وجد فيهم، وهذا مثل قوله تعالى: * (وخضتم كالذي خاضوا) * قوله: الكبر الكبر بضم الكاف فيهما وبالنصب فيهما على الإغراء. وقال الكرماني: الكبر، بضم الكاف مصدر أو جمع الأكبر أو مفرد بمعنى الأكبر، يقال: هو كبرهم أي: أكبرهم، ويروى: الكبر بكسر الكاف وفتح الباء أي: كبير السن أي: قدموا الأكبر سنا في الكلام. قوله: أن يبطل بضم الياء من الإبطال ويجوز فتحها من البطلان. قوله: فوداه مائة وفي رواية الكشميهني، بمائة، بزيادة حرف الباء. قوله: من إبل الصدقة وزعم بعضهم أنه غلط من سعيد بن عبيد لتصريح يحيى بن سعيد من عنده. ووفق قوم بين الروايتين بأنه يحتمل أنه كان اشتراه من إبل الصدقة بمال دفعه من عنده، أي: من بيت المال المرصد للمصالح، وأطلق عليه الصدقة باعتبار الانتفاع به مجانا لما في ذلك من قطع المنازعة وإصلاح ذات البين.
وهذا الحديث مشتمل على أحكام:
الأول: فيه مشروعية القسامة في الدم، وهو أمر كان في الجاهلية فأقره رسول الله في الإسلام، وتوقفت طائفة عن الحكم بالقسامة، روي ذلك عن سالم بن عبد الله بن عمر وأبي قلابة وعمر بن عبد العزيز والحكم بن عتيبة، وقد ذكرنا بعض ذلك. الثاني: أن القوم إذا اشتركوا في معنى من معان الدعوى وغيرها كان أولاهم أن يبدأ بالكلام أكبرهم. الثالث: فيه جواز الوكالة في المطالبة بالحدود. الرابع: فيه جواز وكالة الحاضر لأن ولي الدم فيه هو عبد الرحمان بن سهل أخو القتيل وحويصة ومحيصة ابنا عمه. الخامس: فيه كيفية القسامة الواجبة فيه. وقد اختلفوا فيها، فقال يحيى بن سعيد وأبو الزناد وربيعة ومالك والشافعي وأحمد والليث بن سعد: يستحلف المدعون بالدم فإذا حلفوا استحقوا ما ادعوا، وهذا في القسامة خاصة وهو يخص قوله البينة على المدعي واليمين على من أنكر، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: البينة على المدعي واليمين على من أنكر إلا في القسامة وقال البيهقي: هذا الحديث مخصوص بما أخبرنا علي بن بشير أخبرنا علي بن محمد المصري حدثنا عبدة بن سليمان حدثنا مطرف بن عبد الله حدثنا الزنجي عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم قال: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة وقال عثمان البتي والحسن بن صالح وسفيان الثوري وعبد الرحمان
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»