إن جرحت ففيها حكومة، والسبب فيه تعذر المماثلة، وإن كانت اللطمة على الخد ففيها القود. وقالت طائفة: لا قصاص في اللطمة، روي هذا عن الحسن وقتادة، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي، وقال الشافعي: إذا جرح ففيه حكومة.
6897 حدثنا مسدد، حدثنا يحياى عن سفيان، حدثنا موساى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله قال: قالت عائشة: لددنا رسول الله في مرضه، وجعل يشير إلينا: لا تلدوني. قال: فقلنا: كراهية المريض بالدواء، فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟ قال: قلنا: كراهية للدواء. فقال رسول الله لا يبقى منكم أحد إلا لد، وأنا أنظر، إلا العباس فإنه لم يشهدكم.
هذا الحديث قد مضى عن قريب في: باب القصاص بين الرجال والنساء فإنه أخرجه هناك عن عمرو بن علي عن يحيى إلى آخره، وهنا أخرجه عن مسدد عن يحيى القطان عن سفيان الثوري عن موسى بن أبي عائشة الهمداني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. وقال الكرماني: وحديث اللدود ليس صريحا في القصاص لاحتمال أن يكون عقوبة لهم حيث خالفوا أمره صلى الله عليه وسلم قال شارح التراجم أما القصاص من اللطمة والدرة والأسواط فليس من الترجمة، لأنه من شخص واحد، وقد يجاب عنه بأنه إذا كان القود يؤخذ من هذه المحقرات فكيف لا يقاد من الجمع من الأمور العظام كالقتل والقطع وأشباه ذلك.
قوله: لا تلدوني بالضم، وقيل بالكسر. قوله: قال أي: قال قوله: كراهية بالنصب والرفع قوله: بالدواء ويروى: للدواء. قوله: ألم أنهكم؟ ويروى: ألم أنهكن؟ قوله: إلا لد بضم اللام وتشديد الدال على صيغة المجهول. قوله: وأنا أنظر جملة حالية أي: بحضوري وحالة نظري إليه. قوله: إلا العباس استثناء من أحد وهو لم يكن حاضرا وقت اللد فلا قصاص عليه، ومر الكلام فيه في الباب المذكور فليرجع إليه.
22 ((باب القسامة)) أي: هذا باب في بيان القسامة وأحكامها. والقسامة بفتح القاف وتخفيف السين المهملة مصدر أقسم قسما وقسامة، وفي بعض النسخ: كتاب القسامة، وقال الكرماني: هي مشتقة من القسم على الدم أو من قسمته اليمين انتهى. يقال: أقسمت إذا حلفت، وقسمت قسامة لأن فيها اليمين، والصحيح أنها اسم للأيمان. وقال الأزهري: إنها اسم للأولياء الذين يحلفون على استحقاق دم المقتول، وقال ابن سيده: القسامة الجماعة يقسمون على الشيء أو يشهدون به، ويمين القسامة منسوبة إليهم ثم أطلقت على الأيمان نفسها.
وقال الأشعث بن قيس: قال النبي صلى الله عليه وسلم شاهداك أو يمينه قال بعضهم: أشار البخاري بذكره هنا إلى ترجيح رواية سعيد بن عبيد في حديث الباب: أن الذي يبدأ في يمين القسامة المدعى عليهم. قلت: الظاهر أن البخاري ذهب إلى ترك القتل بالقسامة لأنه صدر هذا الباب، أولا بحديث الأشعث بن قيس والحكم فيه مقصور على البينة أو اليمين، ثم ذكر عن ابن أبي مليكة وعمر بن عبد العزيز بالإرسال بغير إسناد، وروى ابن أبي شيبة عن عبد الرحيم بن سليمان عن الحسن: أن أبا بكر وعمر والجماعة الأول لم يكونوا يقتلون بالقسامة، وروي عن إبراهيم بسنده: القود بالقسامة جور، وفي رواية أبي معشر: القسامة يستحق فيها الدية ولا يقاد فيها، كذا قاله قتادة.
والأشعث بسكون الشين المعجمة وفتح العين المهملة وبالثاء المثلثة ابن قيس الكندي قدم على النبي في ستين راكبا من كندة وأسلم ثم ارتد عن الإسلام بعد النبي ثم رجع إلى الإسلام في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه، ومات سنة أربعين بعد قتل علي بن أبي طالب،