عمدة القاري - العيني - ج ٢٤ - الصفحة ١٩٧
على أدائها، وإن كان كافرا وذكر النصراني على سبيل التمثيل فساعيه أي المولى عليه يقوم بالأمانة في ولايته فينصفني ويستخرج حقي منه، وأما اليوم فقد ذهبت الأمانة فلست أثق اليوم بأحد أئتمنه على بيع أو شراء إلا فلانا وفلانا يعني أفرادا من الناس قلائل.
14 ((باب التعرب في الفتنة)) أي: هذا باب في بيان التعرب بفتح العين المهملة وضم الراء المشددة وبالباء الموحدة وهو الإقامة بالبادية والتكلف في صيرورته أعرابيا، وقيل: التعرب السكنى مع الأعراب، وهو أن ينتقل المهاجر من البلد الذي هاجر إليه فيسكن البادية فيرجع بعد هجرته أعرابيا، وكان ذلك محرما إلا أن يأذن له الشارع في ذلك، وقيده بالفتنة إشارة إلى ما ورد من الإذن في ذلك عند حلول الفتن، ووقع في رواية كريمة: التعزب، بالزاي وبينهما عموم وخصوص. وقال صاحب المطالع وجدته بخط البخاري بالزاي، وأخشى أن يكون وهما، فإن صح فمعناه: البعد والاعتزال.
7087 حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع أنه دخل على الحجاج، فقال: يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك؟ تعربت؟ قال: لا، ولكن رسول الله أذن لي في البدو.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وحاتم بالحاء المهملة هو ابن إسماعيل الكوفي، ويزيد من الزيادة ابن أبي عبيد بضم العين مولى سلمة بن الأكوع.
والحديث أخرجه مسلم في المغازي. والنسائي في البيعة كلاهما عن قتيبة كالبخاري. قوله: على الحجاج هو ابن يوسف الثقفي، وذلك لما ولي الحجاج إمرة الحجاز بعد قتل ابن الزبير فسار من مكة إلى المدينة، وذلك في سنة أربع وسبعين، وقيل: إن سلمة مات في آخر خلافة معاوية سنة ستين، ولم يدرك زمن إمارة الحجاج. قوله: ارتددت على عقبيك كأنه أشار بهذا إلى ما جاء من حديث ابن مسعود أخرجه النسائي مرفوعا: لعن الله آكل الربا وموكله... الحديث وفيه: والمرتد بعد هجرته إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد. قوله: قال لا، أي: لم أسكن البادية رجوعا عن هجرتي. ولكن بالتشديد والتخفيف. قوله: في البدو أي: في الإقامة فيه، والبدو البادية.
وعن يزيد بن أبي عبيد قال: لما قتل عثمان بن عفان خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة وتزوج هناك امرأة وولدت له أولادا، فلم يزل بها حتى أقبل قبل أن يموت بليال فنزل المدينة.
هو موصول بالسند المذكور. قوله: إلى الربذة، بفتح الراء والباء الموحدة والذال المعجمة موضع بالبادية بين مكة والمدينة، قاله بعضهم. قلت: الربذة هي التي جعلها عمر، رضي الله تعالى عنه، حمى لإبل الصدقة، وهي بالقرب من المدينة على ثلاث مراحل منها قريب من ذات عرق. قوله: فلم يزل بها وفي رواية الكشميهني هناك. قوله: فنزل المدينة هكذا: فنزل بالفاء في رواية المستملي والسرخسي، وفي رواية غيرهما، نزل بلا فاء، وهذا يشعر بأن سلمة لم يمت بالبادية كما جزم به يحيى بن عبد الوهاب بن مندة في معرفة الصحابة، وقال يحيى بن بكير وغيره: مات بالمدينة سنة أربع وسبعين وهو ابن ثمانين سنة.
7088 حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن أبيه عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها سعف الجبال، ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن مطابقته للترجمة تؤخذ من آخر الحديث، وتقدم في الإيمان في: باب من الدين الفرار من الفتن، فإنه أخرجه هناك عن
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»