ابن منصور وزيادة مسدد لم يوافقه عليها أحمد، ولئن سلمنا صحة هذه الزيادة ولكن يراد به أخوك في الدين، ويحتمل أن يكون أصل الحديث: هو لك، فظن الراوي أن معناه: أخوه في النسب فحمله على المعنى الذي عنده. والخبر الذي يرويه عبد الله بن الزبير صرح بأنه صلى الله عليه وسلم قال: فإنه ليس لك بأخ. وقال الخطابي وغيره: كان أهل الجاهلية يقررون على ولائدهم الضرائب فيكتسبن بالفجور وكانوا يلحقون بالزناة إذا دعوا كما في النكاح، وكانت لزمعة أمة وكان يلم بها فظهر بها حمل وزعم عتبة بن أبي وقاص أنه منه وعهد إلى أخيه سعد أن يستلحقه، فخاصم فيه عبد بن زمعة فقال سعد: هو ابن أخي على ما كان الأمر في الجاهلية، وقال عبد هو أخي على ما استقر عليه الحكم في الإسلام، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم، حكم الجاهلية وألحقه بزمعة. قوله: (الولد للفراش) مر تفسيره عن قريب. وقال صاحب (التوضيح): وعند جمهور العلماء أن الحرة لا تكون فراشا إلا بإمكان الوطء ويلحق الولد في مدة تلد في مثلها وأقل ذلك ستة أشهر، وشذ أبو حنيفة فقال: إذا طلقها عقيب النكاح من غير إمكان وطء فأتت بولد لستة أشهر من وقت العقد فإنه يلحقه، وقال أيضا وما ذهب إليه أبو حنيفة خلاف ما أجرى الله تعالى به العادة من أن الولد إنما يكون من ماء الرجل وماء المرأة.
قلت: أبو حنيفة لم يشذ فيما ذهب إليه ولا خالف ما أجرى الله به العادة، وأن صاحب (التوضيح): ومن سلك مسلكة لم يدركا في هذه المسألة ما أدركه أبو حنيفة، لأنه احتج فيما ذهب إليه بقوله: (الولد للفراش) أي: لصاحب الفراش، ولم يذكر فيه اشتراط الوطء، ولا ذكره ولأن العقد فيها كالوطء بخلاف الأمة فإنه ليس لها فراش فلا يثبت نسب ما ولدته الأمة إلا باعتراف مولاها. قوله: (وللعاهر الحجر) أي: وللزاني الخيبة والحرمان والعهر بفتحتين الزنا، ومعنى الخيبة الحرمان من الولد الذي يدعيه، وعادة العرب أن تقول لمن خاب: له الحجر وبقية الحجر والتراب، ونحو ذلك وقيل: المراد بالحجر هنا أنه يرجم قال النووي: وهو ضعيف لأن الرجم مختص بالمحصن. قوله: (ثم قال لسودة بنت زمعة) أي: زوج النبي صلى الله عليه وسلم: احتجبي منه، أي: من ابن الوليدة المدعى تورعا واحتياطا، وذلك لشبهه بعتبة بن أبي وقاص.
0576 حدثنا مسدد عن يحياى عن شعبة عن محمد بن زياد أنه سمع أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الولد لصاحب الفراش).
مطابقته للترجمة ظاهرة وفيه تفسير لقوله في الحديث الماضي: (الولد للفراش) أي: لصاحب الفراش، وهذا الحديث مستقل بنفسه بخلاف الحديث الماضي فإنه ذكر تبعا لحديث عبد بن زمعة. قال الطحاوي: فيه: فإن قيل: فما معنى قوله الذي وصله بهذا: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) قيل: له ذلك على التعليم منه لسعد أي: أنت تدعي لأخيك وأخوك لم يكن له فراش، وإنما يثبت النسب منه لو كان فراش فهو عاهر وللعاهر الحجر. انتهى.
وقال ابن عبد البر: حديث (الولد للفراش) هو من أصح ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، جاء عن بضعة وعشرين من الصحابة، فذكر البخاري هنا حديث عائشة وحديث أبي هريرة هذا، وقال الترمذي عقيب حديث أبي هريرة: وفي الباب عن عمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو وأبي أمامة وعمرو بن خارجة والبراء وزيد بن أرقم فحديث عمر رضي الله تعالى عنه، عند ابن ماجة، وحديث عثمان رضي الله تعالى عنه، عند أبي داود، وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه عن النسائي، وحديث عبد الله بن الزبير عند النسائي أيضا، وحديث عبد الله بن عمرو عن أبي داود، وحديث أبي أمامة عند أبي داود وابن ماجة، وحديث عمرو بن خارجة عند الترمذي والنسائي وابن ماجة، وحديث البراء عند الطبراني في (الكبير)، وحديث زيد بن أرقم عند الطبراني أيضا فيه، وزاد شيخنا زين الدين على هؤلاء: معاوية وابن عمر، فحديث معاوية عند أبي يعلى الموصلي، وحديث ابن عمر عند البزار، ووقع عند هؤلاء جميعهم: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) ومنهم من اقتصر على الجملة الأولى.
91 ((باب الولاء لمن أعتق)) أي هذا باب يذكر فيه الولاء لمن أعتق، وفي أكثر النسخ، باب إنما الولاء لمن أعتق، الولاء بفتح الواو مشتق من الولاية بالفتح