عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ٢٨٦
طوالا فإذا هي حيات كأمثال الجبال، قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضا. قوله: (ملكوت)، على وزن فعلوت، وفسره بقوله: ملك، وقال ابن الأثير: الملكوت اسم مبني من الملك كالجبروت والرهبوت من الجبر والرهبة، وقال الجوهري: رهب بالكسر يرهب رهبة ورهبا بالضم ورهبا بالتحريك أي: خاف. ورجل رهبوت يقال: رهبوت خير من رحموت، أي: لأن ترهب خير من أن ترحم.
10 ((باب الدعاء إذا انتبه بالليل)) أي: هذا باب في بيان الدعاء إذا انتبه النائم بالليل أي: في الليل، وفي رواية الكشميهني: من الليل.
6316 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن سلمة عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بت عند ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى حاجته غسل وجهه ويديه ثم قام فأتى القربة فأطلق شناقها ثم توضأ وضوءا بين وضوأين لم يكثر، وقد أبلغ فصلى، فقمت فتمطيت كراهية أن يرى أني كنت أتقيه، فتوضأت فقام يصلي فقمت عن يساره، فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطجع فنام حتى نفخ وكان إذا نام نفخ فآذنه بلال بالصلاة فصلى ولم يتوضأ، وكان يقول في دعائه: أللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، واجعل لي نورا قال كريب: وسبع في التابوت، فلقيت رجلا من ولد العباس فحدثني بهن، فذكر عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري وذكر خصلتين.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وعلي بن عبد الله هو ابن المديني، وابن مهدي هو عبد الرحمن بن حسان العنبري البصري، وسفيان هو الثوري، وسلمة بفتحتين هو ابن كهيل، وكريب مولى ابن عباس.
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة عن عبد الله بن هاشم وغيره، وفي الطهارة عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره وأخرجه أبو داود في الأدب عن عثمان عن وكيع به مختصرا. وأخرجه الترمذي في الشمائل عن بندار عن ابن مهدي ببعضه. وأخرجه النسائي في الصلاة عن هناد به. وأخرجه ابن ماجة في الطهارة عن علي بن محمد وغيره.
قوله: (ميمونة) هي بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين خالة ابن عباس. قوله: (غسل وجهه) كذا هو في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر: فغسل وجهه، بالفاء قوله: (شناقها) بكسر الشين المعجمة وتخفيف النون وبالقاف. وهو ما يشد به رأس القربة من رباط أو خيط، سمي به لأن القربة تشتق به. قوله: (بين وضوءين) أي بين وضوء خفيف ووضوء كامل جامع لجميع السنن. قوله: (ولم يكثر) من الإكثار أي: اكتفى بمرة واحدة. قوله: (وقد أبلغ) من الإبلاغ يعني: أوصل الماء إلى مواضع يجب الإيصال إليها، ووقع عند مسلم: وضوء حسنا. قوله: (أتقيه) بالتاء المثناة من فوق المشددة وبالقاف المكسورة، كذا في رواية النسفي وآخرين أي: أرقبه وانتظره، ويروى: أنقبه، بتخفيف النون وتشديد القاف وبالباء الموحدة من التنقيب وهو التفتيش، وفي رواية القابسي: أبغيه، بسكون الباء الموحدة وكسر الغين المعجمة وبالياء آخر الحروف الساكنة، أي: أطلبه، والأكثر: أرقبه، وهو الأوجه. قوله: (عن يساره)، ويروى: عن شماله. قوله: (فتتامت)، من باب التفاعل أي: تمت وكملت. قوله: (فآذنه) أي أعلمه بلال رضي الله عنه بالصلاة. قوله: (واجعل لي نورا)، هذا عام يعد خاص، والتنوين فيه للتعظيم، أي: نورا عظيما. قوله: (وسبع)، أي: سبع كلمات أخرى (في التابوت) وأراد به بدن الإنسان الذي كالتابوت للروح، وفي بدن الذي مآله أن يكون في التابوت أي: الذي يحمل عليه الميت وهي: العصب واللحم والدم والشعر والبشر، والخصلتان الأخريان. قال الكرماني: لعلهما الشحم والعظم.
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»