عمدة القاري - العيني - ج ٢٢ - الصفحة ١٩٥
لا تتوجه المطابقة بين هذا الحديث والترجمة إلا على قول من يقول: إن لفظ: ويل، وويح كلاهما بمعنى واحد، كما ذكرناه عن قريب.
والوليد هو ابن مسلم الدمشقي، وأبو عمرو وهو عبد الرحمن الأوزاعي.
والحديث مضى في الهجرة عن علي بن عبد الله وعن محمد بن يوسف... إلى آخره، ومضى الكلام فيه.
قوله: (أخبرني عن الهجرة) وهي ترك الوطن إلى المدينة. قوله: (ويحك إن شاء الهجرة شديد) قيل: كان هذا قبل الفتح فيمن أسلم من غير أهل مكة كأنه صلى الله عليه وسلم يحذره شدة الهجرة ومفارقة الأهل والوطن، وكانت هجرته وصوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (فهل لك من إبل؟ قال: نعم قال: فهل تؤدي صدقتها؟) أي: زكاتها، ولم يسأل عن غيرها من الأعمال الواجبة عليه لأن حرص النفوس على المال أشد من حرصها على الأعمال البدنية. قوله: (فاعمل من وراء البحار) بالباء الموحدة والحاء المهملة وهو جمع بحرة، وهي القرية سميت بحرة لاتساعها والمعني: فاعمل من وراء القرى (فإن الله لن يترك) ووقع في رواية الكشميهني بالتاء المثناة من فوق وبالجيم وهو تصحيف، قوله: (لن يترك) أي: ينقصك. قال الله تعالى: * (ولن يتركم أعمالكم) * (محمد: 35) ومادته من وتر يترترة إذا نقصه، واصل يتر يوتر حذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة، ويروى: لن يترك من الترك والكاف أصلية. وحاصل المعنى: أن القيام بحق الهجرة شديد فاعمل الخير حيث ما كنت لأنك إذا أديت فرض الله فلا تبال أن نقيم في بيتك وإن كان أبعد البعيد من المدينة فإن الله لا يضيع أجر عملك.
6166 حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا خالد بن الحارث حدثنا شعبة عن واقد بن محمد بن زيد قال: سمعت أبي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ويلكم أو ويحكم. قال شعبة: شك هو. لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. وقال النضر عن شعبة: ويحكم، وقال عمر بن محمد عن أبيه: ويلكم أو ويحكم.
بقته للترجمة في قوله: (ويلكم) وعبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي البصري، وخالد بن الحارث الهجيمي، وواقد بالقاف ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه والنضر بسكون الضاد المعجمة ابن سهيل، وعمر بن محمد أخو واقد.
وهذا الحديث أخرجه البخاري في مواضع في أواخر المغازي في: باب حجة الوداع أخرجه عن يحيى بن سليمان عن ابن وهب عن عمر بن محمد أن أباه حدثه عن ابن عمر... إلى آخره مطولا. وأخرجه أيضا مطولا في: باب قوله تعالى: * ((94) يا أيها الذين.. من قوم) * (الحجرات: 11) وأخرجه أيضا في الديات عن أبي الوليد، وفي الفتن عن حجاج بن منهال، وفي الحدود عن محمد بن عبد الله.
قوله: (أو ويحكم) شك من الراوي قوله: (قال شعبة: شك هو) يعني: شيخه واقد بن محمد. قوله: (لا ترجعوا بعدي كفارا) يعني: بتكفير الناس كفعل الخوارج إذا استعرضوا الناس، وقيل: هم أهل الردة قتلهم الصديق رضي الله عنه وقيل: الخوارج يكفرون بالزنا والقتل ونحوهما من الكبائر، وقيل: أراد إذا فعله كل واحد مستحلا لقتل صاحبه فهو كافر. قوله: (وقال النضر عن شعبة) يعني بهذا السند: (ويحكم) لم يشك. قوله: (وقال عمر بن محمد) هو أخو واقد المذكور (عن أبيه) يعني محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن جده ابن عمر: (ويلكم أو ويحكم) يعني مثل ما قال أخوه واقد، فدل على أن الشك من محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر أو ممن فوقه.
6167 حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا همام عن قتادة عن أنس أن رخلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك وما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها إلا إني أحب الله ورسوله. قال: إنك مع من أحببت، فقلنا: ونحن كذالك؟ قال: نعم ففرحنا يومئذ فرحا شديدا، فمر غلام للمغيرة وكان من أقراني فقال: إن أخر فقال: إن أخر هاذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»