فينفجر منه دم أسود، وربما أقرحته، وذلك الطعن يسمى دغرا. ومعنى قوله في الحديث: (تدغرن أولادكن) أنها تغمز حلق الصبي بإصبعها فترفع ذلك الموضع وتكبسه. قوله: (ويلد به) على صيغة المجهول أي: بالقسط، يقال: لدا لرجل فهو ملدود، واللدود بفتح اللام ما يصب في أحد جانبي الفم. قوله: (من ذات الجنب) هو ورم في الغشاء المستبطن للأضلاع. وقال الترمذي: ذات الجنب بالضم. قوله: (السل) وفي (البارع): هو الذي يطول مرضه، وعن النضر: هو الدبيلة وهي قرحة تثقب البطن، وقيل: هي الشوصة، وفي (المنتهى): الجناب بالضم داء في الجنب.
قوله: (ودخلت على النبي صلى الله عليه وسلم) إلى آخره، قد مر في كتاب الطهارة في: باب بول الصبيان: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله، وقد مر الكلام فيه هناك.
11 ((باب أي ساعة يحتجم)) أي: هذا باب في بيان أي، ساعة يحتجم فيها، والمراد بالساعة مطلق الزمان لا الساعة المتعارفة. قوله: (أي)، بدون التاء رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: أية ساعة يحتجم، وقد جاء في القرآن * (بأي أرض تموت) * (لقمان: 34) ولم تقل: بأية أرض، وقال الزمخشري: شبه سيبويه تأنيث أي بتأنيث كل في قولهم: كلنهن، وقال الكرماني: غرض البخاري يعني: من هذه الترجمة أنه لا كراهة في بعض الأيام أو الساعات. قلت: وقت الحجامة في أيام الشهر لم يصح فيه شيء عنده، فلذلك لم يذكر حديثا واحدا من الأحاديث التي فيها تعيين الوقت. منها: ما رواه أبو داود من حديث سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء، وروى الترمذي من حديث أنس، رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحتجم في الأخدعين والكاهل، وكان يحتجم الترمذي عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين، وقال: حديث حسن، وروى أيضا من حديث ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم العبد الحجام يذهب بالدم ويخف الصلب ويجلو عن البصر، وإن خير ما تحتجمون فيه يوم سبعة عشرة ويوم تسعة عشر ويوم إحدى وعشرين، وروى أبو نعيم الحافظ من حديث ابن عباس مرفوعا: الحجامة في الرأس شفاء من سبع: الجنون والجذام والبرص والنعاس ووجع الأضراس والصداع والظلمة يجدها في عينه، ومن حديث بن عمر بسند لا بأس به يرفعه: الحجامة تزيد في الحفظ وفي العقل وتزيد الحافظ حفظا، فعلى اسم الله يوم الخميس ويوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد ويوم الاثنين ويوم الثلاثاء، ولا تحتجموا يوم الأربعاء، فما ينزل من جنون ولا جذام ولا برص إلا ليلة الأربعاء، وروى أبو داود من حديث سلمى، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان أحد يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا في رأسه إلا قال: احتجم، ولا وجعا في رجليه إلا قال: اخضبهما.
* (واحتجم أبو موسى ليلا) *.
أبو موسى هو عبد الله بن قيس الأشعري، وهذا التعليق رواه ابن أبي شيبة عن هشيم عن إسماعيل بن سالم عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه، وذكره البخاري ليدل على أن الحجامة لا تتعين بوقت من النهار أو الليل بل يجوز في أي ساعة شاء من الليل أو النهار.
5694 حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم.
لما ذكر احتجام أبي موسى ليلا ذكر أيضا احتجام النبي صلى الله عليه وسلم نهارا، لأنه قال: (احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم) يدل على أنه كان نهارا، ولم يعين النهار صريحا، فدل هذا والذي قبله أن الحجامة لا تتعين بوقت معين.
وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المقعد البصري، وعبد الوارث بن سعيد، وأيوب السختياني.
والحديث قد تقدم في الصيام في: باب الحجامة والقيء للصائم، بعين هذا الإسناد وعين المتن المذكور.
12 ((باب الحجم في السفر والإحرام))