(فصبر). ويروى: ثم صبر، وزاد الترمذي في روايته: واحتسب، ومعناه صبر مستحضرا ما وعد الله به للصابرين من الثواب، لا أن يصبر مجردا عن ذلك، لأن الأعمال بالنيات، هذا الذي ذكروه، والظاهر أن المراد بصبره أن لا يشتكي ولا يقلق ولا يظهر عدم الرضا به. قوله: (يريد عينيه) من كلام أنس، أي: يريد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (حبيبته عينيه).
* (تابعه أشعث بن جابر، وأبو ظلال عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم) *.
أي: تابع عمرا في روايته عن أنس أشعث بن جابر وهو أشعث بن عبد الله بن جابر نسب إلى جده، وهو أبو عبد الله البصري الأعمى الحداني بضم الحاء المهملة وتشديد الدال المهملة وبالنون نسبة إلى جدان، بطن من الأزد، ولهذا يقال له: الأزدي أيضا. واختلف فيه، فقال الدارقطني: يعتبر به، ووثقه النسائي وليس له في البخاري إلا هذا الموضع تعليقا ومتابعة أخرجها أحمد بلفظ: قال، ربكم: من أذهبت كريمتيه ثم صبر واحتسب كان ثوابه الجنة. قوله: وأبو ظلال أي: وتابعه أيضا أبو ظلال، بكسر الظاء المعجمة وتخفيف اللام واسمه هلال بن هلال وهو أيضا أعمى وهو ضعيف عند الجميع إلا أن البخاري قال: وهو مقارب الحديث وليس له في (صحيحه) غير هذه المتابعة أخرجها الترمذي عن عبد الله بن معاوية الجمحي حدثنا عبد العزيز بن مسلم حدثنا أبو ظلال عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقول: إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة).
8 ((باب عيادة النساء للرجال)) أي: هذا باب في بيان حكم عيادة النساء للرجال: ولو كانوا أجانب بشرطه المعتبر.
وعادت أم الدرداء رجلا من أهل المسجد من الأنصار أم الدرداء هذه زوجة أبي الدرداء عويمر، والمسجد مسجد المدينة. فإن قلت: أبو الدرداء له زوجتان كل منهما تسمى أم الدرداء إحداهما: أم الدرداء الكبرى اسمها خيرة بنت أبي حدرد اسمه عبد الله الأسلمي كانت صحابية من فضلاء النساء وعقلائهن، ماتت بالشام في خلافة عثمان قبل أبي الدرداء بسنتين، والأخرى: أم الدرداء الصغرى اسمها هجيمة بنت حيي الوصابية، وقال أبو عمر: لا أعلم لها خبرا يدل على صحبة أو رؤية، ومن خبرها أن معاوية خطبها بعد أبي الدرداء فأبت أن تتزوجه، فأيتهما التي عادت رجلا من أهل المسجد من الأنصار؟ قلت: قال الكرماني: الظاهر أن المرادة ههنا الكبرى، وقيل: ليس كذلك بل هي الصغرى، لأن الأثر المذكور أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) من طريق الحارث بن عبيد وهو شامي تابعي صغير لم يلحق أم الدرداء الكبرى فإنها ماتت قبل موت أبي الدرداء في خلافة عثمان، كما قلنا. قال: رأيت أم الدرداء على راحلة أعواد ليس لها غشاء تعود رجلا من الأنصار في المسجد، والصغرى عاشت إلى أواخر خلافة عبد الملك بن مروان، وماتت في سنة إحدى وثمانين بعد الكبرى بنحو خمسين سنة، فإن قلت: قد جعل ابن منده وأبو نعيم وأبو مسهر، خيرة وهجمية واحدة. قلت: قالوا: هذا وهم والصحيح أنهما ثنتان كما ذكرنا، ولي فيه تأمل لا يخفى.
5654 حدثنا قتيبة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال، رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، قلت: يا أبت! كيف تجدك؟ ويا بلال! كيف تجدك؟ قالت: وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
* كل امرىء مصبح في أهله * والموت أدنى من شراك نعله * وكان بلال إذا أقلعت عنه يقول:
* ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بواد وحولي إذ خر وجليل * * وهل أردن يوما مياه مجنة * وهل يبدون لي شامة وطفيل *