وقدح فيه خمر، فأخذت الذي فيه اللبن فشربت فقيل لي: أصبت الفطرة أنت وأمتك.
إبراهيم بن طهمان بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء الهروي أبو سعيد، سكن نيسابور ثم سكن مكة، مات سنة ستين ومائة، وتعليقه رواه الإسماعيلي فقال: أخبرنا أبو حاتم مكي بن عبدان وأبو عمران موسى العباس قالا أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي أخبرنا محمد بن عقيل أخبرنا حفص بن عبد الله أنبأنا ابن طهمان به، ورواه أبو نعيم أيضا: حدثنا أبو بكر الآجري أخبرنا عبد الله بن عباس الطيالسي أخبرنا محمد بن عقيل أخبرنا حفص بن عبد الله بن طهمان.
قوله: (رفعت) في رواية الأكثرين بضم الراء وكسر الفاء وفتح العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق على صيغة المجهول. قوله: (إلي) بتشديد الياء. قوله: (السدرة) مرفوع بقوله: (رفعت) وفي رواية المستملي: دفعت، بالدال موضع الراء على صيغة المجهول للمتكلم. وقوله: إلى، حرف جر، والسدرة مجرور به، وهي سدرة المنتهى سميت بها لأن علم الملائكة ينتهي إليها. قوله (فإذا) كلمة مفاجأة. قوله (النيل) هو نهر مصر، وقال الكرماني: (والفرات) نهر بغداد. قلت: ليس كذلك بل الفرات نهر الكوفة، قاله الجوهري، وأصله من أطراف إرمينية يأتي ويمر بأرض ملطية على مسيرة ميلين منها، ثم على سميساط وقلعة الروم والبيرة وجسر منبج وبالس وقلعة حصير والرقة والرحبة وقرقيسيتا وعانة والحديثة وهيت والأنبار، ثم يمر بالطفوف ثم بالحلة ثم بالكوفة وينتهي إلى البطائح ويصب في البحر الشرقي، وأما نهر بغداد فهو دجلة يخرج من أصل جبل بقرب آمد ثم يمتد إلى ميا فارقين ثم إلى حصن كيفا ثم إلى جزيرة ابن عمر ثم إلى الموصل وينصب فيه الزابان ومنهما يعظم إلى بغداد ثم إلى واسط ثم إلى البصرة ثم ينصب في بحر فارس. قوله: (فنهران في الجنة) قيل: هما السلسبيل والكوثر، وهما النهران الباطنان، وقال ابن بطال: في حديث أنس: إذا بدلت الأرض ظهرا إن شاء الله تعالى. قوله: (فأتيت) على صيغة المجهول. قوله: (بثلاثة أقداح) وقد مر عن قريب أنه قدحان فلاتنا في بينهما لأن مفهوم العدد لا اعتبار له مع احتمال أن القدحين كانا قبل رفعه إلى سدرة المنتهى، والثلاثة بعده. قوله: (قدح فيه لبن) يجوز في: قدح، الرفع والجر، أما الرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: أحدها قدح فيه لبن، وأما الجر فعلى أنه بيان لقوله (بثلاثة أقداح) هو وما عطف عليه من قدحين، وكذلك الكلام في (قدح فيه عسل، وقدح فيه خمر) قوله: (أصبت الفطرة) أي: علامة الإسلام والاستقامة. قوله: (أنت) تأكيد للضمير الذي في: (أصبت) قوله: (وأمتك) أي: ولتصب أمتك، وإعرابه كإعراب قوله تعالى: * (اسكن أنت وزوجك الجنة) * تقديره: وليسكن زوجك.
قال هشام وسعيد وهمام عن قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأنهار نحوه، ولم يذكروا ثلاثة أقداح.
أي: قال هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة وهمام بتشديد الميم ابن يحيى يعني: كلهم رووا الحديث المذكور عن قتادة عن أنس بن مالك، وزادوا في الإسناد: مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أبو عمر: مالك بن صعصعة الأنصاري المازني من بني مازن بن النجار، روى عنه أنس بن مالك حديث الإسراء، وتعليق هشام وسعيد وهمام قد وصله البخاري في كتاب بدء الخلق في: باب ذكر الملائكة، مطولا أخرجه عن هدبة بن خالد عن همام عن قتادة وعن خليفة عن يزيد بن زريع عن سعيد وهشام كلاهما عن قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (في الأنهار نحوه) أراد أنهم توافقوا في المتن على ذكر الأنهار نحوالمذكور في الحديث السابق. قوله: (ولم يذكروا الأقداح) أي: لم يذكر هؤلاء ثلاثة الأقداح في روايتهم، وفي رواية الكشميهني: ولم يذكر ثلاثة أقداح، بإفراد: لم يذكر، فظاهر هذا أنه لم يقع ذكر الأقداح أصلا في رواية هؤلاء الثلاثة. فإن قلت: قد ذكرت ثلاثة أقداح في رواية همام، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن، وإناء من عسل قلت: يحتمل أن يكون المراد بالنفي ذكر لفظ الأقداح بخصوصها، ويحتمل أن تكون رواية الكشميهني هي الصحيحة أعني لم يذكر بالإفراد، ويكون فاعل: لم يذكر، هشام الدستوائي، فإنه تقدم في بدء الخلق من طريق يزيد بن زريع عن سعيد