عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ١٠٩
والقياس جزر جمع الجزور، ومر الكلام فيه في المغازي مستوفى.
13 ((باب: * (أكل الجراد) *)) أي: هذا باب في بيان جواز أكل الجراد الواحدة جرادة الذكر والأنثى فيه سواء كالحمامة قيل: إنه مشتق من الجرد لأنه لا ينزل على شيء إلا جرده، والجراد يلحس التراب وكل شيء يمر عليه، ونقل عن الأصمعي: إنه إذا خرج من بيضه فهو دباب والواحدة دباة. قال: ولعابه سم على الأشجار لا يقع على شيء إلا أحرقه وقال: الذكر من الجراد هو العنظب أو الحنطب زاد الكسائي، والعنطوب، وقال أبو المعالي: الجندب ضرب منه، وقال أبو حاتم: وأبو جحادب شيخ الجنادب وسيدها، وقال ابن خالويه ليس في كلام العرب للجراد اسم أغرب من العصفود، وللجراد نيف وستون اسما فذكرها وصفة الجراد عجيبة فيها صفة عشرة من الحيوانات وذكر بعضها ابن الشهرزوري في قوله:
* لها فخذا بكر وساقا نعامة * وقادمتا نسر وجوءجوء ضيغم * * حبتها أفاعي الرمل بطنا وأنعمت * عليها جياد الخيل بالرأس والفم * قيل: وفاته: عين الفيل وعنق الثور وقرن الإبل وذنب الحية، واختلف في أصله فقيل: نثرة حوت، ورد في حديث ضعيف أخرجه ابن ماجة عن أنس رفعه بأن الجراد نثرة حوت من البحر، وقيل: إنه بري، وقيل: هو صنفان أحدهما يطير في الهواء يقال له الفارس، والآخر ينزو نزوا يقال له: الراجل، وله ستة أرجل، إذا كان أيام الربيع وأراد أن يبيض التمس الأرض الصلبة والصخرة الصلدة التي لا تعمل فيها المعاول فيضربه بيده فينفرج فيلقي فيها بيضه ويلقي كل واحد مائة بيضة ويطير ويتركها فإذا أتى أيام الربيع واعتدل الزمان وينشق ذلك البيض فيظهر مثل الذر الصغار فيسيح على وجه الأرض ويأكل زرعها حتى يقوي فينهض إلى أرض أخرى ويبيض كما فعل في العام الأول، وآفتها الطير والبرد، وأجمع العلماء على جواز أكله بغير تذكية إلا أن المشهور عند المالكية اشتراط تذكيته، واختلفوا في صفتها فقيل: يقطع رأسه. وقال ابن وهب: أخذه ذكاته، وعن مالك إذا أخذه حيا ثم قطع رأسه أو شواء أو قلاه فلا بأس بأكله، وما أخذه حيا فغفل عنه حتى مات لا يؤكل، وذكر الطحاوي في (كتاب الصيد) أن أبا حنيفة، رضي الله تعالى عنه، قيل له أرأيت الجراد هو عندك بمنزلة السمك من أصاب منه شيئا أكله سمى أو لم يسم؟ قال: نعم. قلت: وأينما وجدت الجراد آكله؟ قال: نعم. قلت: وإن وجدته ميتا على الأرض؟ قال: نعم. قلت: وإن أصابه مطر فقلته؟ قال: نعم. لا يحرم الجراد شيء على حال.
5495 حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن أبي يعفور قال: سمعت ابن أبي أوفى، رضي الله عنهما. قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم، سبع غزوات. أو ستا كنا نأكل معه الجراد.
قال سفيان وأبو عوانة وإسرائيل عن أبي يعفور عن ابن أبي أوفى سبع غزوات.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو يعفور بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وضم الفاء وبالواو وبالراء متصرفا اسمه وقدان بفتح الواو وسكون القاف وبالدال المهملة وبالنون، ويقال: اسمه واقد، ووقدان لقبه، وكذا قاله مسلم وهو الأكبر ولهم أبو يعفور الأصغر اسمه عبد الرحمن بن عبيد وكلاهما ثقة من أهل الكوفة. وليس للأكبر في البخاري سوى هذا الحديث وآخر تقدم في الصلاة في أبواب الركوع من صفة الصلاة، وجزم النووي بأنه الأصغر هنا. وتبع في ذلك ابن العربي وغيره، والصواب أنه الأكبر، وبه جزم الكلاباذي، والذي يرجح كلامه جزم الترمذي بعد تخريجه هذا الحديث بأن راوي حديث الجراد هو الذي اسمه واقد، ويقال: وقدان، وهذا هو الأكبر، ويؤيده أيضا أن ابن أبي حاتم جزم في ترجمة الأصغر بأنه لم يسمع من عبد الله بن أبي أوفى، وقال شيخنا زين الدين: رحمه الله، أبو يعفور الأصغر لم يسمع من أحد من الصحابة، وأبو يعفور الأكبر سمع من جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وعبد الله بن أبي أوفي، ومات سنة عشرين ومائة، واسم أبي أوفى علقمة بن خالد الأسلمي.
والحديث أخرجه
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»