عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٣٠٢
مشتمل بن علي ثلاثة أحكام.
الأول: اللعان، وليس فيه خلاف وأجمعوا بن علي صحته ومشروعيته.
الثاني: التفرقة. واختلف العلماء فيها، وقد ذكرنا عن قريب عن مالك والشافعي أنه تقع الفرقة بينهما بنفس التلاعن، وعن أبي حنيفة. لا يحصل إلا بتفريق الحاكم لظاهر الحديث المذكور، وهو حجة بن علي المخالفين.
الثالث: إلحاق الولد بالأم. بظاهر الحديث، وذلك أنه إذا لاعنها ونفى عنه نسب الحمل انتفى عنه ويثبت نسبه من الأم ويرثها وترث منه، وقد مر الكلام فيه عن قريب. وقال الطحاوي: ذهب قوم إلى أن الرجل إذا نفى ولد امرأته لم ينتف به ولم يلاعن به، واحتجوا في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهد الحجر. قلت: أخرجه الجماعة من حديث عائشة غير الترمذي قالوا: الفراش يوجب حق الولد في إثبات نسبه من الزوج والمرأة فليس لهما إخراجه بلعان ولا غيره. قلت: أراد الطحاوي بالقوم هؤلاء: عامر الشعبي ومحمد بن أبي ذئب وبعض أهل المدينة، وخالفهم الآخرون وهم جمهور الفقهاء من التابعين ومن بعدهم، منهم الأئمة الأربعة وأصحابهم فإنهم قالوا: إذا نفى الرجل ولد امرأته يلاعن وينتفي نسبه منه، ويلزم أمه ثم فيه خلاف آخر من وجه آخر، فقال أصحابنا: إذا كان القذف بنفي الولد بحضرة الولادة أو بعدها بيوم أو يومين أو نحو ذلك من مدة يأخذ فيها التهنئة وابتياع آلات الولادة عادة صح ذلك. فإن نفاه بعد ذلك لا ينتفي، ولم يوقت أبو حنيفة، رحمه الله، وقتا، وروى عنه أنه وقت لذلك سبعة أيام وأبو يوسف ومحمد وقتاه بأكثر النفاس وهو أربعون يوما، والشافعي، رحمه الله: اعتبر الفور، فقال: إن نفاه بن علي الفور انتفى وإلا لا. وأجابوا عن حديث أهل المقالة الأولى أنه: لا ينفي وجوب اللعان بنفي الولد، ولا يعارض الأحاديث التي تدل بن علي ذلك.
63 ((باب قول الإمام: اللهم بين)) أي: هذا باب في بيان قون الإمام في اللعان: اللهم بين، أي: أظهر حكم هذه المسألة الواقعة. وقال ابن العربي، رحمه الله: ليس معنى هذا الدعاء طلب ثبوت صدق قول الإمام فقط، بل معناه أن تلد ليظهر الشبه.
6135 حدثنا إسماعيل قال: حدثني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني عبد الرحمان بن القاسم عن القاسم بن محمد عن ابن عباس أنه قال: ذكر المتلاعنان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلا، فقال عاصم: ما ابتليت بهاذا الأمر إلا لقولي، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي وجد عند أهله آدم خدلا كثير اللحم جعدا قططا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بين، فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجد عندها، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينهما فقال رجل لابن عباس في المجلس: هي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هاذه؟ فقال ابن عباس: لا، تلك امرأة كانت تظهر السوء في الإسلام.
ابقته للترجمة في قوله: (اللهم بين فوضعت..) إلى آخره. وإسماعيل هو ابن أبي أويس، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري. والحديث قد مر قبله بأربعة أبواب، ومضى الكلام فيه مبسوطا.
قوله: (قططا) بالفتحات معناه: الشديد الجعودة، وقيل: الحسن الجعودة، الأول أكثر. قوله: (فوضعت) أي: ولدا، وفي الرواية المتقدمة: فجاءت شبيها بالرجل الذي ذكره.
73 ((باب إذا طلقها ثلاثا ثم تزوجت بعد العدة زوجا غيره فلم يمسها)) أي: هذا باب في بيان ما إذا طلقها الملاعن ثلاث طلقات ثم تزوجت الملاعنة بعد انقضاء عدتها زوجا غيره فلم يمسها. أي: فلم
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»