عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ١٩٥
الإسماعيلي إلى أنه موقوف لاحتمال أن يكون، صلى الله تعالى عليه وسلم، اطلع بن علي ذلك، وهذا الخلاف لا يجيء هنا لوجود النقل باطلاعه صلى الله عليه وسلم بن علي ذلك، كما ثبت في (صحيح مسلم) من رواية أبي الزبير عن جابر من قوله: (فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا)، ثم استدل بهذا الحديث بن علي جواز العزل.
فمن قال به من الصحابة: سعد بن أبي وقاص وأبو أيوب الأنصاري وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس، ذكره عنهم مالك في (الموطأ) ورواه ابن أبي شيبة أيضا عن أبي بن كعب ورافع بن خديج وأنس بن مالك، ورواه أيضا عن غير واحد من الصحابة، لكن في العزل عن الأمة وهم: عمر بن الخطاب وخباب بن الأرت. وروى كراهته عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عمر وأبي أمامة رضي الله تعالى عنهم، وكذا روى عن سالم والأسود من التابعين، وروي عن غير واحد من الصحابة التفرقة بين الحرة والأمة، فتستأمر الحرة ولا تستأمر الأمة وهم: عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، ومن التابعين سعيد بن جبير ومحمد بن سيرين وإبراهيم التيمي وعمرو بن مرة وجابر بن زيد والحسن وعطاء وطاووس، وإليه ذهب أحمد بن حنبل، وحكاه صاحب (التقريب) عن الشافعي، وكذا غزاه إليه ابن عبد البر في (التمهيد) وهو قول أكثر أهل العلم.
وتفصيل القول فيه: أن المرأة إن كانت حرة فقد ادعى فيه ابن عبد البر في (التمهيد) أنه لا خلاف بين العلماء في أنه لا يعزل عنها إلا بإذنها وقال شيخنا زين الدين، رحمه الله دعوى الإجماع لا تصح، فقد اختلف أصحاب الشافعي بن علي طريقين: أظهرها كما قال الرافعي رحمه الله: إنها إن رضيت جاز لا محالة، وإلا فوجهان أصحهما عند الغزالي الجواز، وكذا قال الرافعي في (الشرح الصغير) والنووي في (شرح مسلم) إنه الأصح وقال في (الروضة) إنه المذهب والطريق الثاني: أنها إن لم تأذن لم يجز، وإن أذنت فوجهان؟ وإن كانت المرأة المزوجة أمة فاختلف العلماء في وجوب استئذان سيدها فحكى ابن عبد البر في (التمهيد): عن مالك وأبي حنيفة وأصحابهما أنهم قالوا: الإذن في العزل عنها إلى مولاها وقال الشافعي: له أن يعزل عنها بدون إذنها وإذن مولاها، وإن كانت المرأة أمة له، فقال ابن عبد البر: لا خلاف بين فقهاء الأمصار أنه يجوز العزل عنها بغير إذنها وإنه لا حق لها في ذلك، وقال شيخنا زين الدين، رحمه الله هكذا أطلق نفي الخلاف وليس بجيد، وقد فرق أصحاب الشافعي في الأمة بين المستولدة وغيرها، فإن لم يكن قد استولدها فقال الغزالي وتبعه الرافعي والنووي: لا خلاف في جوازه، قال الرافعي: صيانة للملك، واعترض صاحب (المهمات) بأن فيه وجها حكاه الروياني في البحر أنه لا يجوز لحق الولد، وإن كانت مستولدة له فقال الرافعي: رتبها مرتبون بن علي المنكوحة الرقيقة، وأولى بالمنع لأن الولد حر، وآخرون بن علي الحرة والمستولدة أولى بالجواز لأنها ليست راسخة في الفراش، ولهذا لا تستحق القسم. قال الرافعي: وهذا أظهر.
8025 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال عمر و: أخبرني عطاء سمع جابرا رضي الله عنه، قال: كنا نعزل والقرآن ينزل وعن عمر وعن عطاء عن جابر قال: كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والقرآن ينزل.
(انظر الحديث 7025 وطرفه) هذان وجهان في حديث جابر: أحدهما: عن علي بن عبد الله المديني عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، وذكر فيه الإخبار والسماع، ولم يذكر بن علي عهد النبي صلى الله عليه وسلم. والآخر: بالإسناد المذكور عن عمرو، وذكره بالعنعنة وذكر فيه بن علي عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووقع في رواية الكشميهني كان يعزل بضم الياء آخر الحروف وفتح الزاي بن علي صيغة المجهول. (فإن قلت) روى مسلم من حديث أبي الأسود عن عروة عن عائشة عن جد أمة بنت وهب أخت عكاشة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس الحديث. وفيه: ثم سألوه عن العزل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك الوأد الخفي، وبه استدل إبراهيم النخعي وسالم بن عبد الله والأسود بن يزيد. وطاووس وقالوا: العزل مكروه لأنه صلى الله عليه وسلم جعل العزل بمنزلة الوأد إلا أنه خفي، لأن من يعزل عن امرأته إنما يعزل هربا من الولد، فلذلك سمي: الموؤودة الصغرى، والموؤودة الكبرى هي التي تدفن وهي حية، كان إذا ولد لأحدهم بنت في الجاهلية دفنوها في التراب وهي حية فكيف التوفيق بين هذا وبين حديث جابر وأبي سعيد وغيرهما وفي حديث جابر: قلنا يا رسول الله إنا كنا نعزل، فزعمت اليهود أنها الموؤودة الصغرى، فقال: كذبت اليهود، إن الله إذا أراد أن يخلقه لم يمنعه
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»