ويصير ولدا له، ويكون أولاد الرضيع أولاد الرجل، خلافا لمن قال: لبن الرجل لا يحرم.
3015 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة: أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمتها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب فأبيت أن آذن له، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت، فأمرني أن آذن له.
.
مطابقته للترجمة من حيث ثبوت الحرمة بين عائشة وبين أفلح المذكور الذي هو عمها من الرضاع، فلذلك أذن لها بدخول أفلح عليها، وقال إنه عمك، لما قالت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، كذا في رواية الترمذي، فدل بن علي أن ماء الرجل يحرم.
والحديث مضي في كتاب الشهادات في: باب الشهادة بن علي الأنساب، وقد مضى الكلام فيه هناك، ونذكره ههنا بأكثر منه وأوضح.
فقوله: (إن أفلح أخا أبي القعيس)، كذا هو في صحيح مسلم والنسائي أيضا وفي رواية لمسلم: أفلح بن أبي القعيس، وفي رواية له وللنسائي قالت: استأذن وكذا في رواية أبي داود وابن ماجة. وفي رواية لمسلم: قال استأذن عليها أبو القعيس، وفي رواية له وللنسائي، قالت: استأذن علي عمي من الرضاعة أبو الجعيد، فرددته، قال هشام: إنما هو أبو القعيس. والصواب أنه أفلح وكنيته أبو الجعيد، وهو أخو أبي القعيس، وقال القرطبي في المفهم: هذا هو الصحيح وما سوى ذلك وهم من بعض الرواة، ولا يعرف لأبي القعيس ولا لأخيه أفلح ذكر إلا في هذا الحديث، ويقال: إنهما من الأشعريين، وفي رواية الترمذي، قالت: جاء عمي من الرضاعة، ذكرته مبهما، وأفلح، بفتح الهمزة واللام وسكون الفاء وبالحاء المهملة، وأبو القعيس، بضم القاف وفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالسين المهملة. قوله: (وهو عمها من الرضاعة) فيه التفات، وكان القياس يقتضى أن تقول: وهو عمي، واختلف في كيفية ثوبت العمومة لأفلح هذا فزعم بعضهم ممن رأى أن لبن الفحل لا يحرم أن أفلح هذا رضع مع أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، فكان عما لعائشة من الرضاعة. وهذا خطأ يرده ما في رواية الترمذي عن عائشة، قالت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، وكذا في رواية البخاري، بن علي ما يأتي إن شاء الله تعالى، والصواب أن عائشة ارتضعت من امرأة أبي القعيس، وأفلح أخوه فصار عمها من الرضاعة، وفي رواية لمسلم: جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن عليها وكان أبو القعيس أبا عائشة من الرضاعة وفي رواية له: وكان أبو القعيس زوج المرأة التي أرضعت عائشة. قوله: (جاء يستأذن عليها) فيه دليل بن علي مشروعية الاستئذان. ولو في حق المحرم، لجواز أن تكون المرأة بن علي حال لا يحل للمحرم أن يراها عليه. قوله: (بعد أن نزل الحجاب) فيه أنه يجوز للمرأة أن تأذن للرجل الذي ليس بمحرم لها في الدخول عليها، ويجب عليها الاحتجاب منه بالإجماع، وما ورد من بروز النساء فإنما كان قبل نزول الحجاب، وكنت قصة أفلح مع عائشة بعد نزول الحجاب، كما صرح به هنا. قوله: (فأبيت) أي: امتنعت، فيه دليل بن علي أن الأمر المتردد فيه التحريم والإباحة ليس لمن لم يترجح عنده أحد الطرفين الإقدام عليه، خصوصا بعد نزول الحجاب، وتردد عائشة فيه هل هو محرم فتأذن له؟ أوليس بمحرم فتمنعه؟ فامتنعت تغليبا للتحريم بن علي الإباحة. قوله: (فأمرني أن آذن له) وفي رواية شعيب الماضية في الشهادات: إئذني له فإنه عمك تربت يمينك، وفي رواية سفيان: يداك أو يمينك، وفي رواية مالك عن هشام بن عروة: إنه عمك فليلج عليك، وفي رواية الحكم: صدق أفلح إئذني له.
واستدل بهذا الحديث بن علي أن من ادعى الرضاع وصدقه الرضيع يثبت حكم الرضاع بينهما فلا يحتاج إلى بينة لأن أفلح ادعاه وصدقته عائشة وأذن الشارع بمجرد ذلك، ورد هذا باحتمال أن الشارع اطلع بن علي ذلك من غير دعوى أفلح وتسليم عائشة، واستدل به أيضا بن علي أن قليل الرضاع يحرم كما يحرم كثيره. وقال بعضهم: وألزم بعضهم بهذا الحديث الحنفية القائلين: إن الصحابي إذا روي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وصح عنه، ثم صح عنه العمل بخلافه، أن العمل بما رأى لا بما روى، لأن عائشة صح عنها أن الاعتبار بلبن الفحل، وأخذ الجمهور منهم الحنفية بخلاف ذلك وعملوا بروايتها في قصة أخي أبي القعيس وحرموا بلبن الفحل، وكان يلزمهم بن علي قاعدتهم أن يتبعوا عائشة ويعرضوا عن روايتها، وهذا إلزام قوي انتهى. قلت: لو علم هذا القائل مدرك ما قالته الحنفية في ذلك لما صدر منه