عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٦٧
له في النكاح، وكلمة: هل، للاستفهام، ولم يذكر الجواب اعتمادا بن علي ما عرف في موضعه، وهو أن العلماء اختلفوا فيمن لا يتوق إلى النكاح هل يندب له النكاح أم لا؟
5605 حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش، قال: حدثني إبراهيم عن علقمة، قال: كنت مع عبد الله فلقيه عثمان بمنى، فقال: يا أبا عبد الرحمان! لي إليك حاجة فخليا، فقال عثمان: هل لك يا أبا عبد الرحمان في أن نزوجك بكرا تذكرك ما كنت تعهد؟ فلما رأى عبد الله أن ليس له حاجة إلا هاذا، أشار إلي، فقال: يا علقمة! فانتهيت إليه، وهو يقول: أما لئن قلت ذالك لقد قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
(انظر الحديث 5091 وطرفه).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وهذا السند بهؤلاء الرجال قد ذكر غيره مرة، فإن عمر بن حفص يروي عن أبيه حفص بن غياث عن سليمان الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود، هذا الإسناد مما ذكر أنه أصح الأسانيد.
والحديث قد مضى في كتاب الصوم في باب الصوم لمن خاف بن علي نفسه العزوبة، فإنه أخرجه هناك بأخضر منه عن عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن إبراهيم إلى آخره.
قوله: (كنت مع عبد الله) يعني: ابن مسعود. قوله: (بمنى) ووقع في رواية زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش، عند ابن حبان بالمدينة، وهي شاذة. قوله: (فقال: يا أبا عبد الرحمن) هي كنية عبد الله بن مسعود، قيل: المخاطب بذلك عبد الله بن عمر لأنها كنيته المشهورة، ثم قال هذا القائل: هذا يدل بن علي أن ابن عمه شدد بن علي نفسه في زمن الشباب لأنه كان في زمن عثمان شابا، وهذا غيرصحيح، لأن ابن عمر لا مدخل له في هذه القصة، والحديث لابن مسعود، وقوله: وكان في زمان عثمان شابا فيه نظر لأنه إذ ذاك كان جاوز الثلاثين. قوله: (فحليا) كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية الأصيلي: فخلوا، قال ابن التين: وهو الصواب لأنه واوي من الخلوة، مثل: دعوا، ومعناه: دخلا في موضع خال. قوله: (تذكرك ما كنت تعهد)، يعني: من نشاطك وقوة شبابك، وقيل: لعل عثمان رأى به قشفا ورثاثة هيئة فحمل ذلك بن علي فقده الزوجة التي ترفهه، وفي رواية مسلم: لعلها أن تذكرك ما مضى من زمانك، وعنده في رواية أخرى: لعلك ترجع إليك من نفسك ما كنت تعهد. وفي رواية ابن حبان لعلها أن تذكرك ما فاتك. قوله: (فلما رأى عبد الله) يرفع عبد الله أن ليس له حاجة أي: لعثمان إلا هذا، أي: الترغيب في النكاح، ويروي بنصب عبد الله أي: فلما رأى عثمان عبد الله أن ليس له حاجة إلى هذا أي: الزواج، وهنا جاءت كلمة إلا التي هي أداة الاستثناء، وكلمة إلى التي هي حرف الجر، فالمعنى في الوجه الأول بن علي كلمة إلا، وفي الوجه الثاني بن علي كلمة إلى قوله: (أشار) قال الكرماني، أشار عبد الله. قلت: الذي يقتضيه الحال أن الذي أشار هو عثمان. قوله: (إلي)، بتشديد الياء قوله: (وهو يقول) جملة حالية. قوله: (ذاك)، إشارة إلى قوله: (نزوجك) وفي رواية مسلم عن عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة، قال: إني لأمضي مع عبد الله بن مسعود، رضي الله تعالى عنه، بمنى إذ لقيه عثمان، فقال: هلم يا أبا عبد الرحمن. قال: فاستخلاه، فلما رأى عبد الله أن ليست له حاجة، قال: تعال يا علقمة! قال: فجئت. فقال له عثمان: ألا نزوجك يا أبا عبد الرحمن جارية بكرا لعله يرجع إليك من نفسك ما كنت تعهد؟ فقال عبد الله لئن قلت ذاك لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث. قوله: (يا مشعر الشباب)، المعشر هم الطائفة الذين يشملهم وصف. فالشباب معشر والشيوخ معشر، والشباب جمع شاب ويجمع أيضا بن علي شببة وشبان بضم أوله وتشديد الباء، وذكر الأزهري أنه لم يجمع فاعل بن علي فعلان غيره، وأصله الحركة والنشاط، وقال النووي: والشاب عند أصحابنا هو من بلغ ولم يجاوز ثلاثن سنة، وقال القرطبي: يقال له: حدث إلى ست عشرة سنة ثم شاب إلى اثنين وثلاثين، ثم كهل وكذا ذكر الزمخشري، وقال ابن شاس المالكي في الجواهر إلى أربعين، وإنما خص الشباب بالخطاب لأن الغالب وجود قوة الداعي فيهم
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»