فهم منه ما يفهم من التصريح وقال ابن العربي: وفي الحديث دليل قاطع بن علي صحة القياس والاعتبار بنظيره من طريق واحدة قوية، وهو اعتبار الشبه الخلقي. وقال النووي: وفيه يلحق الولد الزوج، وإن اختلفت ألوانها ولا يحل له نفيه بمجرد المخالفة في اللون، وفيه زجر عن تحقيق ظن السوء.
72 ((باب إحلاف الملاعن)) أي: هذا باب في بيان إحلاف الملاعن، والمراد به هنا النطق بكلمات اللعان المعروفة.
6035 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله، رضي الله عنه، أن رجلا من الأنصار قذف امرأته، فأخلفهما النبي صلى الله عليه وسلم ثم فرق بينهما.
ابقته للترجمة ظاهرة وجويرية، تصغير جارية بالجيم ابن أسماء، وهو من الأسماء المشتركة بين الذكور والإناث.
والحديث من أفراده مختصرا هنا وسيأتي بعد ستة أبواب من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع، ومضى في تفسير سورة النور من وجه آخر بلفظ: لاعن بين رجل وامرأة.
قوله: (فأحلفهما النبي صلى الله عليه وسلم) وقال ابن بطال: يريد بهذا أيمان اللعان المعروفة، لأن الرجل لما قذف امرأته كان عليه الحد إن لم يأت بشهود أربعة. يصدقونه، فلما رمى هذا العجلاني زوجته أنزل الله عز وجل: * (والذين يرمون أزواجهم) * (النور: 6) فأخرج الزوج عن عموم الآية وأقام أيمانه الأربع مع الخامسة مقام الشهود الأربعة ليدرأ عن نفسه الحد، كما يدرأ سائر الناس عن أنفسهم بالشهود الأربعة حد القذف، فإذا حلف بها لزم المرأة الحد إن لم تلتعن، فإن التعنت وحلفت دفعت عن نفسها الحد كما فعل الزوج.
82 ((باب يبدأ الرجل بالتلاعن)) أي: هذا باب فيه يبدأ الرجل بالملاعنة قبل المرأة.
7035 حدثني محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن هشام بن حسان حدثنا عكرمة عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن هلال بن أمية قذف امرأته فجاء فشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب. فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت.
(انظر الحديث 1762 وطرفه).
مطابقته للترجمة من حيث إنه يتضمن اللعان والبادي فيه الرجل. وابن أبي عدي هو محمد، واسم أبي عدي إبراهيم أبو عمرو البصري، وهلال بن أمية أحد الثلاثة الذي تخلفوا عن غزوة تبوك وتاب الله عليهم.
وهذا الحديث مختصر من حديث طويل أخرجه في سورة النور بهذا الإسناد بعينه، ومر الكلام فيه هناك مستوفى. وقال ابن بطال: أجمع العلماء بن علي أن الرجل يبدأ باللعان قبل المرأة لأن الله بدأ به، فإن بدأت المرأة قبل زوجها لم يجز وأعادت اللعان بعده بن علي ما رتبه الله، عز وجل، ونبيه صلى الله عليه وسلم، وقال ابن التين: فإن التعنت قبله صح مع مخالفة السنة، قاله ابن القاسم وأبو حنيفة، وقال أشهب والشافعي: لا يصح وتعيده.
قوله: (إن الله يعلم أن أحدكما كاذب) ظاهره يقتضي أنه إنما قاله بعد الملاعنة لأنه حينئذ تحقق الكذب ووجبت التوبة، وذهب بعضهم إلى أنه قاله قبل اللعان لا بعده تحذيرا لهما ووعظا، وقال بعضهم: وكلاهما قريب من معنى الآخر.
92 ((باب اللعان ومن طلق بعد اللعان)) أي: هذا باب في اللعان وفيمن طلق امرأته بعد اللعان أي: بعد أن لاعن، وفيه إشارة إلى خلاف: هل تقع الفرقة في اللعان بنفس اللعان أو بإيقاع الحاكم بعد الفراغ أو بإيقاع الزوج؟ فذهب مالك والشافعي ومن تبعهما إلى أن الفرقة تقع بنفس اللعان، قال مالك وغالب أصحابه: بعد فراغ المرأة. وقال الشافعي واتباعه وسحنون من المالكية: بعد فراغ الزوج، وقال الثوري وأبو حنيفة وأتباعهما: لا تقع الفرقة حتى يوقعها عليهما الحاكم، وعن أحمد روايتان، وذهب عثمان البتي إلى أنه لا تقع الفرقة حتى يوقعها الزوج، ونقل الطبري نحوه عن أبي الأشعث جابر بن زيد، وقال أبو عبيد: الفرقة تقع بينهما بنفس القذف ولو لم يقع اللعان، وكأنه مفرع بن علي وجوب اللعان بن علي من تحقق ذلك من المرأة، فإذا أخل به عوقب بالفرقة تغليظا عليه.