وتقول: أنا الشقية.
قوله: (لقد عذت) بالذال المعجمة من العوذ وهو الالتجاء. قوله: (بعظيم) أي: برب عظيم. قوله: (إلحقي) بكسر الهمزة وسكون اللام من اللحوق، وقال ابن المنذر: اختلفوا في قول إلحقي بأهلك وشبهه من كنايات الطلاق، فقالت طائفة، ينوي في ذلك فإن أراد طلاقا، وإن لم يرده لم يلزمه شيء، هذا قول الثوري وأبي حنيفة، قالا: إذا نوى واحدة أو ثلاثا فهو ما نوى، وإن نوى ثنتين فهي واحدة، وقال مالك: إن أراد به الطلاق فهو ما نوى واحدة أو ثنتين أو ثلاثا، وإن لم يرد شيئا فليس بشيء. وقال الحسن والشعبي: إذا قال: إلحقي بأهلك، أو: لا سبيل عليك أو: الطريق لك واسع إن نوى طلاقا فهي واحدة وإلا فليس بشيء.
قال أبو عبد الله: رواه حجاج بن أبي منيع عن جده عن الزهري أن عروة أخبره أن عائشة قالت.
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وليس بموجود في بعض النسخ. قوله: (رواه) أي: روى الحديث المذكور حجاج ابن أبي منيع، بفتح الميم وكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره عين مهملة، وهو حجاج بن يوسف بن أبي منيع، واسم أبي منيع عبيد الله بن أبي زياد الوصافي بفتح الواو وتشديد الصاد المهملة وبالفاء، وكان يكون بحلب، ولم يخرج له البخاري إلا معلقا، وكذا لجده، وهذا التعليق رواه يعقوب بن سفيان النسوي في مشيخته، وليس فيه ذكر للجونية إنما فيه: أنها كلابية، وقال: حدثنا حجاج بن أبي منيع عبيد الله بن أبي زياد بحلب، حدثنا جدي عن الزهري قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية بنت ظبيان بن عمرو، من بني أبي بكر بن كلاب، فدخل بها فطلقها، وقال حجاج: حدثنا جدي حدثنا محمد بن مسلم أن عروة أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فدل الضحاك بن سفيان من بني أبي بكر بن كلاب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: بيني وبينها الحجاب يا رسول الله، هل لك في أخت أم شبيب؟ قالت: وأم شبيب امرأة الضحاك.
5525 حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الرحمن بن غسيل عن حمزة بن أبي أسيد عن أبي أسيد، رضي الله عنه، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى انطلقنا إلى حائط يقال له الشوظ حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا بينهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجلسوا هاهنا، ودخل وقد أتي بالجونية فأنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل ومعها دايتها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، قال: هبي نفسك لي: قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، فقالت أعوذ بالله منك فقال: قد عذت بمعاذ ثم خرج علينا فقال: يا أبا أسيد! إكسها رازقيين وألحقها بأهلها.
(انظر الحديث 5525 طرفه في: 7525) مطابقته للترجمة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم لم يواجه الجونية المذكورة في الحديث بقوله الحقي بأهلك، وإنما قال لأبي أسيد: (ألحقها بأهلها). والترجمة بالاستفهام من غير تعيين شيء من أمر المواجهة وعدمها، وقد ذكرنا أنه يحتمل الوجهين، غير أن ترك المواجهة أرفق وألطف، وههنا المطابقة في ترك المواجهة. فافهم.
وقال الكرماني: فإن قلت: كيف دل الحديث بن علي الترجمة إذ لا طلاق إذ لم يكن ثمة عقد نكاح، إذا ما وهبت نفسها ولم يكن أيضا بالمواجهة إذ قال بعد الخروج: (ألحقها بأهلها؟) قلت: له صلى الله عليه وسلم أن يزوج من نفسه بلا إذن المرأة ووليها، وكان صدور قوله: (هبي بنفسك لي) منه لاستماله خاطرها وأما حكاية المواجهة فقد ثبتت في الحديث السابق بقوله: الحق بأهلك، وأمره أبا أسيد بالإلحاق بعد الخروج لا ينافيه، بل يعضده انتهى. قلت: هذا كله كلام لا طائل تحته، لأن سؤاله أولا بقوله: إذ لا طلاق، إلى: ولم يكن أيضا بالمواجهة، غير موجه لأنه كان من المعلوم قطعا أن الذي ذكره في الجواب من خصائصه صلى الله عليه وسلم فلم يقع سؤاله في محله، وكذلك قوله وأما حكاية المواجهة... الخ غير واقع في محله، لأن ثبوت المواجهة في الحديث السابق لا يستلزم المواجهة في هذا الحديث، فكيف يثبت بهذا الكلام المطابقة بين الترجمة والحديث؟ ومع هذا لم يرد صلى الله عليه وسلم في خطابه إياها بن علي قوله: (قد عذت بمعاذ) ولم