عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٢٢٩
حزم: حسبت علي تطليقة، لم يصرح فيه من الذي هو حسبها عليه، ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأجيب بأن هذا مثل قول الصحابي: أمرنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هكذا فإنه ينصرف إلى من له الأمر حينئذ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، قيل: محل هذا لا يكون فيه اطلاع صريح من النبي صلى الله عليه وسلم بن علي ذلك، وفي قصة ابن عمر هذه، النبي صلى الله عليه وسلم هو الآمر بالمراجعة، فهذه أقوى من قول الصحابي: أمرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بكذا، مع أن فيه خلافا، ولا يتوهم في ابن عمر أنه يفعل في القصة شيئا برأيه، مع أن الدارقطني خرج من طريق زيد بن هارون عن ابن أبي ذئب وابن إسحاق جميعا عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هي واحدة.
3 ((باب من طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟)) أي: هذا باب وهو مشتمل بن علي جزأين: أحدهما: قوله: (من طلق) وهذا كلام لا يفيد، إلا بتقدير شيء، فقال بعضهم: كأن البخاري قصد إثبات مشروعية جواز الطلاق، وحمل حديث: أبغض الحلال إلى الله الطلاق، بن علي ما إذا وقع من غير سبب. قلت: هذا بعيد جدا، فكيف قوله: من يطلق، بن علي هذا المعنى؟ ولهذا حذف ابن بطال هذا من الترجمة لأنه لم يظهر له معنى، وعلى تقدير وجوده يمكن أن يقال: تقديره: هذا باب في بيان حكم من طلق امرأته هل يباح له ذلك؟ ولم يذكر جوابه، وهو: نعم يباح ذلك، لأن الله عز وجل شرع الطلاق كما شرع النكاج. الجزء الثاني: وهو قوله: (وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق) وهذا الاستفهام معطوف بن علي الاستفهام الذي قدرناه، ولم يذكر جوابه أيضا، اعتمادا بن علي ما يفهم من حديث الباب.
4525 حدثنا الحميدي حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي قال: سألت الزهري أي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استعاذت منه؟ قال: أخبرني عروة عن عائشة، رضي الله عنها، أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها، قالت: أعوذ بالله منك. فقال لها: لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك.
مطابقته للترجمة تؤخذه من قوله: (إلحقي بأهلك) لأنه كناية عن الطلاق، وقد واجهها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فدل بن علي أنه يجوز، ولكن تركه أرفق وألطف، إلا أن احتيج إلى ذلك.
والحميدي هو عبد الله بن الزبير بن عيسى منسوب إلى حميد أحد أجداده، والوليد هو ابن مسلم الدمشقي، والأوزاعي عبد الرحمن بن عمر، والزهري محمد بن مسلم.
والحديث أخرجه النسائي في النكاح أيضا عن حسين بن حريث وأخرجه ابن ماجة فيه أيضا عن دحيم.
قوله: (إن ابنة الجون)، بفتح الجيم وسكون الواو وفي آخره نون: اسمها أميمة، وقال الكرماني مصغر الأمة قلت: مصغر الأمة أمية وهذه أميمة مصغر أمة بضم الهمزة وتشديد الميم وقع في (كتاب الصحابة) لأبي نعيم: عن عائشة أن عمرة بنت الجون تعوذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين أدخلت عليه، وفي سنده عبيد بن القاسم متروك، وقيل: اسمها أسماء بنت كند الجونية، رواه يونس عن ابن إسحاق، وقال ابن عبد البر: أجمعوا بن علي أنه تزوج أسماء بنت النعمان بن أبي الجون بن شراحيل، وقيل: أسماء بنت الأسود بن الحارث بن النعمان الكندية، واختلفوا في فراقها، فقيل: لما دخلت عليه دعاها فقالت: تعال أنت، وأبت أن تجيء، وزعم بعضهم أنها استعاذت منه فطلقها، وقيل بل كان بها وضح كوضح العامرية، ففعل بها كفعله بها، وقيل: المستعيذة امرأة من بلعنبر من سبي ذات الشقوق، بضم الشين المعجمة وبالقافين أولاهما مضمومة، وهي اسم منزل بطريق مكة، وكانت جميلة فخافت نساؤه أن تغلبهن عليه، فقلن لها: إنه يعجبه أن تقولي أعوذ بالله منك. وقال ابن عقيل: نكح صلى الله عليه وسلم امرأة من كندة وهي الشقية، فسألته أن يردها إلى أهلها فردها إلى أهلها مع أبي أسيد، فتزوجها المهاجر بن أبي أمية، ثم خلف عليها قيس بن مكشوح.
وفي (الاستيعاب): تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، عمرة بنت يزيد الكلابية، فبلغه أن بها بياضا فطلقها، وقيل: إنها هي التي تعوذت منه. وذكر الرشاطي أن أباها وصفها لسيدنا رسول الله، فقال: وأزيدك أنها لم تمرض قط. فقال: ما لهذه عند الله خير قط، فطلقها ولم يبين عليها. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا أسيد الساعدي ليخطب عليه هند بنت يزيد بن البرصاء، فقدم بها عليه، فلما بنى عليها ولم يكن رآها رأى بها بياضا فطلقها، وذكر الشهرستاني: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك الكلابية، فلما خير نساءه اختارت قومها فكانت تلقط البعر
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»