عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٢١٧
والحاكم إذ صححا حديثه وأبو علي الطوسي وحسنه، وروى عنه ابن شهاب ومحمد بن عبد الرحمن مولى طلحة، وذكره ابن حبان في (الثقات) ومن يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم يخرجه حد لا ترد روايته، وأما المعارضة فلا نقول بها بل نقول: إن عائشة إذ ذاك كانت صغيرة فلا خرج عليها في النظر إليهم، أو نقول: إنه رخص في الأعياد ما لا يرخص في غيرها أو نقول: حديث نبهان ناسخ لحديث عائشة، أو نقول: إن زوجاته صلى الله عليه وسلم قد خصصن بما لم يخصص به غيرهن لعظم حرمتهن، أو نقول: إن الحبشة كانوا صبيانا ليسوا بالغين. قلت: الأوجه أن يقال بالجمع بين الحديثين لاحتمال تقدم الواقعية، أو أن يكون في حديث نبهان شيء يمنع النساء من رؤيته، لكون ابن أم مكتوم أعمى، فلعله كان منه شيء ينكشف ولا يشعر به، ويؤيد قول من قال بالجواز استمرار العمل بن علي جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا تراهم النساء، فدل بن علي مغايرة الحكم بين الطائفتين.
6325 حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن عيسى عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا الذي أسأم، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو.
مطابقته للترجمة ظاهرة والحنظلي هو إسحاق المعروف بابن راهويه، وعيسى هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، والأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو، والزهري محمد بن مسلم بن شهاب، وعروة بن الزبير بن العوام.
والحديث مر بأتم منه في أبواب العيدين في: باب الحراب والدرق يوم العيد، ومر الكلام فيه هناك.
قوله: (في المسجد) أي: في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (أنا الذي أسأم) كذا وقع في الأصول، وذكر ابن التين: أنا الذي، ثم قال: وصوابه: أنا التي قوله: (أسأم)، أي أمل من السآمة وهي الملالة. قوله: (فاقدروا قدر الجارية) من قدرت الأمر كذا إذا نظرت فيه ودبرته، ورادت به أنها وكانت صغيرة دون البلوغ، قاله النووي، ويرد عليه أن في بعض طرق الحديث أن ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشة، وأن قدومهم كان سنة سبع، ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة، فكانت بالغة، وكان ذلك بعد الحجاب.
وفي (التلويح): في الحديث: جواز نظر النساء إلى اللهو واللعب لا سيما حديثة السن فإنه صلى الله عليه وسلم قد عذرها، أي: عائشة، لحداثة سنها، ويعكر عليه ما ذكرناه الآن. قال: وفيه: أنه لا بأس بنظر المرأة إلى الرجل من غير ريبة، ألا ترى ما اتفق عليه العلماء من الشهادة عليها أن ذلك لا يكون إلا بالنظر إلى وجهها؟ ومعلوم أنها تنظر إليه حينئذ كما ينظر الرجل إليها، والله أعلم.
511 ((باب خروج النساء لحوائجهن)) أي: هذا باب في بيان جواز خروج النساء لأجل حوائجهن، وهو جمع حاجة. وقال الداودي: جمع الحاجة حاجات وجمع الجمع حاج، ولا يقال: حوائج، وقال ابن التين: والذي ذكر أهل اللغة أن جمع حاجة حوائج، وقول الداودي غير صحيح، وفي (المنتهى): الحاجة فيها لغات: حاجة وحوجاء وحائجة، فجمع السلامة: حاجات، وجمع التكسير: حاج، مثل راحة وراح، وجمع حوجاء حواج، مثل: صحراء وصحار، ويجمع بن علي حوج أيضا نحو عوجاء وعوج، وجمع الحاجة حوائج مثل حائجة وحوائج، وكان الأصمعي ينكره، ويقول: هو مولد، وإنما أنكره لخروجه عن القياس في جمع حاجة، وإلا فهو كثير في الكلام، قال الشاعر:
* نهار المرء أمثل حين يقضي * حوائجه من الليل الطويل * ويقال: ما في صدره حوجاء ولا لوجاء ولا شك ولا مرية بمعنى واحد، ويقال: ليس في أمرك حويجاء ولا لويجاء، ولا لفلان عندك حاجة ولا حائجة ولا حوجاء ولا حواشية بالشين والسين ولا لماسة ولا لبابة ولا إرب ولا مأربة ونواة وبهجة وأشكلة وشاكلة وشكلة وشهلاء، كله بمعنى واحد.
7325 حدثنا فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة. قالت: خرجت سودة بنت زمعة ليلا فرآها عمر فعرفها. فقال: إنك والله يا سودة ما تخفين علينا
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»