عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ١١٦
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: أن تسكت وروي من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صمانها. فإن قلت: المراد بالأيم في الحديث الثيب دون غيرها، ذكره المزني عن الشافعي؟ قلت: هذا لفظ عام يتناول البكر والثيب والمطلقة والمتوفى عنها زوجها ويجب العمل بعموم العام، وأنه يوجب الحكم فيما يتناوله قطعا، وتخصيصه بالثيب هنا إخراج للكلام عن عمومه. فإن قلت: جاءت الرواية: الثيب أحق بنفسها، وهذه تفسر تلك الرواية. قلت: لا إجمال فيها فلا يحتاج إلى التفسير، بل يعمل بكل واحدة منهما، فيعمل برواية الأيم بن علي عمومها، وبرواية الثيب بن علي خصوصها ولا منافاة بين الروايتين، بن علي أن أبا حنيفة، رضي الله تعالى عنه، رجح العمل بالعام بن علي الخاص، كما رجح قوله: ما أخرجته الأرض ففيه العشر، بن علي الخاص الوارد فيه، وهو قوله: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة. فإن قلت: قال الترمذي: قد احتج به أي: بقوله صلى الله عليه وسلم بعض الناس: الأيم أحق بنفسها.
وقد روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي، وهكذا أفتى به بعد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: لا نكاح إلا بولي. قلت: هذا عجب عظيم من الترمذي يقول بما لا يليق بحاله، لأن حديث ابن عباس: لا نكاح إلا بولي متى يساوي هذا الحديث الصحيح المجمع بن علي صحته؟
وقد تكلموا في حديث: لا نكاح إلا بولي، فقال أحمد: ليس يصح في هذا شيء إلا حديث سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة بن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، رواه أبو داود والترمذي. قلت: سليمان بن موسى متكلم فيه. قال ابن جريج والبخاري: عنده مناكير، وقال علي بن المديني: مطعون عليه، وقال العقيلي: خولط قبل موته بيسير، ولئن سلمنا صحة: لا نكاح إلا بولي، في رواية ابن عباس، فالصحيح أنه موقوف، فمتى يداني أو يقرب هذا الحديث الصحيح المرفوع الثابت عند أهل النقل؟ ولهذا تجنب البخاري ومسلم في تخريجه عن ابن عباس وغيره، وقال الخطابي: قوله: لا نكاح إلا بولي، فيه ثبوت النكاح بن علي عمومه وخصوصه بولي، وتأوله بعضهم بن علي نفي الفضيلة والكمال، وهذا تأويل فاسد، لأن العموم يأتي بن علي أصله جوازا وكمالا، والنفي في المعاملات يوجب الفساد. قلت: سلمنا أنه بن علي عمومه ولكن معناه محمول بن علي الكمال، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، وجعله النكاح من المعاملات فاسد لأنه من العبادات حتى إنه أفضل من الصلاة النافلة فيكون له جهتان من جواز: ناقص وكامل، فإن قلت: روي: لا نكاح إلا بولي، عن أبي هريرة وعمران بن حصين وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمر ومعاذ بن جبل، رضي الله تعالى عنهم؟ قلت: حديث أبي هريرة عند أحمد بن عدي، وحديث عمران عند حمزة السهمي في تاريخ جرجان وعند الدارقطني، وحديث أنس عند الحاكم في المستدرك، وحديث جابر عند أبي يعلى الموصلي، وحديث أبي سعيد عند الدارقطني، وحديث ابن عمر عند الدارقطني أيضا، وحديث معاذ عند ابن الجوزي في العلل المتناهية. أما حديث أبي هريرة ففي إسناده المغيرة بن موسى قال البخاري: منكر الحديث وقال ابن حبان: يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، فبطل الاحتجاج به. وأما حديث عمران ففي إسناده عبد الله بن عمرو الوافقي، قال علي: كان يضع الحديث. وقال الدارقطني: كان يكذب. وأما حديث أنس... وأما حديث جابر فمحمول بن علي نفي الكمال، وأما حديث أبي سعيد ففي إسناده ربيعة بن عثمان. قال أبو حاتم: منكر الحديث، وأما حديث عبد الله بن عمر ففي إسناده ثابت بن زهير، قال النسائي: ليس بثقة. وأما حديث معاذ ففي إسناده أبو عصمة نوح، قال ابن الجوزي: كان يتهم بالوضع، وقال الدارقطني. متروك.
3215 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك أن زينب ابنة أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قد تحدثنا أنك
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»