عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٩٤
وقال الحسن هب لنا من أزواجنا في طاعة الله وما شيء أقر لعين المؤمن أن يري حبيبه في طاعة الله أي: قال الحسن البصري في قوله تعالى: * (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) * (الفرقان: 47) وهكذا أسنده عنه ابن المنذر من حديث جرير عنه، وفي التفسير: قرة أعين بأن نراهم مؤمنين صالحين مطيعين لك، ووحد القرة لأنها مصدر وأصلها من البرد لأن العين تتأذى بالحر وتستريح بالبرد.
وقال ابن عباس ثبورا ويلا أي: قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: * (دعوا هنالك ثبورا) * (الفرقان: 31) أي: ويلا وأسنده ابن المنذر عنه من حديث علي بن أبي طلحة عنه.
وقال غيره السعير مذكر والتسعر والاضطرام التوقد الشديد أي: قال غير ابن عباس: وهو أبو عبيدة في قوله تعالى: * (وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا) * (الفرقان: 11) وقال: السعير مذكر لأنه ما يسعر به النار، وإنما حكم بتذكيره إما من حيث أنه فعيل فيصدق عليه أنه مذكر، وإنه مؤنث، وقيل: المشهور أن السعير مؤنث، وقال تعالى: * (إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا) * (الفرقان: 11) ويمكن أن يقال: إن الضمير يحتمل أن يعود إلى الزبانية، أشار إليه الزمخشري. قوله: (والتسعر) إلى آخره يريد به أن معنى التسعر ومعنى الاضطرام (التوقد الشديد).
تملى عليه أي تقرأ عليه من أمليت وأمللت أشار به إلى قوله تعالى: * (وقالوا أساطير الأولين) * (الفرقان: 5) اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا، وفسر: (تملى عليه) بقوله: (تقرأ عليه)، قوله: (وقالوا) أي: الكفار، (أساطير الأولين) يعني: ما سطره المتقدمون من نحو أحاديث رستم وإسفنديار، والأساطير جمع إسطار وأسطورة كأحدوثة. قوله: اكتتبها: يعني أمر بكتبها لنفسه وأخذها، وقيل: المعنى أكتتبها كاتب له لأنه كان أميا لا يكتب بيده، وذلك من تمام إعجازه. قوله: (من أمليت)، أشار به إلى أن تملى من أمليت من الإملاء، وأشار بقوله: (أمللت) إلى أن الإملال لغة في الإملاء، وقال الجوهري: أمليت الكتاب أملي وأمللته أمله لغتان جيدتان جاء بهما القرآن، كقوله تعالى: * (فليملل الذي عليه الحق) * (البقرة: 282).
الرس المعدن جمعه رساس أشار به إلى قوله تعالى: * (وعادا وثمود وأصحاب الرس قرونا بين ذلك كثيرا) * (الفرقان: 83) وفسر الرس بالمعدن، وكذا فسره أبو عبيدة، وقال الخليل: الرس كل بئر غير مطوية وقال قتادة: أصحاب الأيكة وأصحاب الرس أمتان أرسل الله إليهما شعيبا فعذبوا بعذابين، قال السدي: الرس بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيبا النجار فنسبوا إليها، رواه عكرمة عن ابن عباس، وروى عكرمة أيضا عن ابن عباس في قوله: أصحاب الرس، قال: بئر بأذربيجان.
ما يعبأ يقال ما عبأت به شيئا لا يعتد به أشار به إلى قوله تعالى: * (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم) * (الفرقان: 77) الآية. وفسر: (ما يعبأ) بقوله: (يقال)، الخ. وعن أبي عبيدة: يقال ما عبأت به شيئا، أي: لم أعده فوجوده وعدمه سواء، وأصل هذه الكلمة تهيئة الشيء، يقال: عبيت الجيش وعبأت الطيب عبوا: إذا هيأته.
غراما هلاكا أشار به إلى قوله تعالى: * (إن عذابها كان غراما) * (الفرقان: 56) وفسر الغرام بالهلاك، وكذا فسره أبو عبيدة، ومنه قولهم: رجل مغرم بالحب.
وقال مجاهد وعتوا طغوا أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا) * (الفرقان: 12) وقال: يعني عتوا طغوا، أخرجه ورقاء في (تفسيره) عن ابن أبي نجيح عنه.
وقال ابن عيينة: عاتية عتت على الخزان أي: قال سفيان بن عيينة في قوله تعالى: * (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية) * (الحاقة: 6) هذه في سورة الحاقة، ذكرها هنا استطرادا
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»