عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٨١
فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك من هلك وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذالك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أري منه حين أشتكي إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول كيف تيكم ثم ينصرف فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعد ما نقهت فخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح وهي بنت أبي رهم بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي قد فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا قالت أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال قالت قلت وما قال قالت فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا على مرضي فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني سلم ثم قال كيف تيكم فقلت أتأذن لي أن آتي أبوي قالت وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما قالت فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبوي فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها قالت فقلت سبحان الله ولقد تحدث الناس بهاذا قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله قالت فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال يا رسول الله أهلك وما نعلم إلا خيرا وأما علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك قالت بريرة لا والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي ابن سلول قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»