عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٧٩
له عند البخاري سوى الحديثين المذكورين، وعبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. والحديث من افراده.
قوله: (وقد سمع منه) من كلام البخاري. قوله: (أن رجلا)، هو العجلاني، وفيه من زيادة الأحكام: نفي الولد، وقد مر الكلام فيه عن قريب. قوله: (وفرق بين المتلاعنين) احتج به أبو حنيفة أن بمجرد اللعان لا يحصل التفريق ولا بد من حكم حاكم وهو حجة على من يقول: تحصل الفرقة بمجرد اللعان.
5 ((باب قوله: * (إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) * (النور: 11)) .
أي: هذا باب في قوله: عز وجل: (إن الذين جاؤوا)... الآية، واقتصر أبو ذر في هذا على قوله: (باب إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم)، وغيره ساق الآية كلها، أجمع المفسرون على أن هذه الآية، وما يتعلق بها بعدها نزلت في قصة عائشة رضي الله عنها، قوله: (بالإفك) أي: بالكذب، ويقال: الإفك أسوأ الكذب وأقبحه مأخوذ من أفك الشيء إذا قلبه عن وجهه، فالإفك هو الحديث المقلوب عن وجهه، ومعنى القلب هنا أن عائشة رضي الله عنها، كانت تستحق الثناء بما كانت عليه من الحصانة وشرف النسب لا القذف، فالذين رموا بالسوء قلبوا الأمر عن وجهه فهو إفك قبيح وكذب ظاهر. قوله: (عصبة)، أي: جماعة، قال الفراء: الجماعة من الواحد إلى الأربعين، ويقال: من العشرة إلى الأربعين. قوله: (منكم)، خطاب للمسلمين وهم عبد الله بن أبي رأس المنافقين وزيد بن رفاعة وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم. قوله: (لا تحسبوه شرا لكم)، أي: لا تحسبوا الإفك أو القذف أو المجيء بالإفك أو ما نالكم من الغم، والخطاب للمؤمنين الذين ساءهم ذلك وخاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعائشة وصفوان بن المعطل * (شرا لكم بل هو خير لكم) * لأن الله يأجركم على ذلك الأجر العظيم وتظهر براءتكم وينزل فيكم ثمانية عشر آية كل واحدة منها مستقلة بما هو تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسلية له وتبرئة لأم المؤمنين وتطهير لأهل البيت وتهويل لمن تكلم في ذلك. قوله: (لكل امرئ منهم)، أي: من الذين جاؤوا بالإفك (ما اكتسب من الإثم) جزاء ما اجترح من الذنب والمعصية. قوله: (الذي تولى كبره) أي: عظمه وبدأ به وهو عبد الله بن أبي، وقيل: حسان بن ثابت، وقال الثعلبي: حسان ومسطح وحمنة هم الذين تولوا كبره ثم فضى ذلك في الناس.
أفاك كذاب أفاك على وزن فعال للمبالغة، وفسره بقوله: (كذاب)، وكذا فسره أبو عبيدة.
9474 حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، * (والذي تولى كبرة) * قالت عبد الله بن أبي ابن سلول.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو نعيم الفضل بن دكين، وسفيان هو الثوري، وقد صرح به ابن مردويه من وجه آخر عن أبي نعيم شيخ البخاري وفيه معمر، بفتح الميمين: هو ابن راشد وهو من أفراده. قوله: (كبره) بضم الكاف وكسرها أي: كبر الإفك، وقد مر تفسيره. قوله: (ابن سلول)، برفع الابن لأنه صفة لعبد الله لا: لأبي، وسلول غير منصرف لأنه اسم أم عبد الله للتأنيث والعلمية، والله سبحانه وتعالى أعلم.
6 ((باب: * (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) * إلى قوله: * (الكاذبون) * (النور: 11 21). * (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هاذا بهتان عظيم) * (النور: 61) * (لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون) * (النور: 31)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: * (لولا إذ سمعتموه) * إلى آخر ما ذكره، ووقع عند أبي ذر الآية الأولى هكذا: * (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) * إلى قوله: * (الكاذبون) * وعند غير موقع الآيتان المذكورتان غير متواليتين
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»