عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٦٤
قوله: (يبقرون) بالباء الموحدة والقاف من البقر وهو الشق. قال الخطابي: أي: ينقبون. قال: والبقر أكثر ما يكون في الشجر والخشب، وقال ابن الجوزي: معناه يفتحون، يقال: بقرت الشيء إذا فتحته، ويقال: ينقرون بالنون بدل الباء. قوله: (أعلاقنا) بفتح الهمزة جمع علق بكسر العين المهملة وهو الشيء النفيس سمي بذلك لتعلق القلب به، والمعنى: يسرقون نفائس أموالنا. وقال الخطابي: كل شيء له قيمة أو له في نفسه قدر فهو علق، وبخط الدمياطي بالغين المعجمة مضبوطة، وحكاه ابن التين أيضا، ثم قال: لا أعلم له وجها. قلت له: وجه، لأن الأغلاق بالغين المعجمة جمع غلق بفتح الغين واللام، وفي (المغرب): الغلق بالتحريك والمغلاق هو ما يغلق ويفتح بالمفتاح، والغلق أيضا الباب، فيكون المعنى: يسرقون الأغلاق أي: مفاتيح الأغلاق ويفتحون الأبواب ويأخذون ما فيه من الأشياء، أو يكون المعنى: يسرقون الأبواب وتكون السرقة كناية عن قلعها وأخذها ليتمكنوا من الدخول فيها. قوله: (أولئك الفساق) أي: الذين يبقرون ويسرقون، وقال الكرماني: لا الكفار ولا المنافقون. قوله: (أجل). معناه: نعم قوله: (أحدهم) أي: أحد الأربعة ولم يدر اسمه. قوله: (لما وجد برده) يعني: لذهاب شهوته وفساد معدته فلا يفرق بين الأشياء، وقال التيمي: يعني عاقبه الله في الدنيا ببلاء لا يجد معه ذوق الماء ولا طعم برودته. انتهى. وحاصل معنى هذا الحديث أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، كان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن المنافقين وكان يعرفهم ولا يعرفهم غيره بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من البشر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أسر إليه بأسماء عدة من المنافقين وأهل الكفر الذين نزلت فيهم الآية، ولم يسر إليه بأسماء جميعهم.
6 ((باب قوله: * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) * (التوبة: 34)) أي: هذا باب في قوله عز وجل: (والذين) الآية، وليس في بعض النسخ ذكر لفظ: باب، وهذه الآية نزلت في عامة أهل الكتاب والمسلمين، وقيل: بل خاصة بأهل الكتاب، وقيل: بل هو كلام مستأنف في حق من لا يزكي من هذه الأمة. قاله ابن عباس والسدي وعامة المفسرين: وقرأ يحيى بن يعمر، بضم النون والزاي والعامة بكسر النون، وأما الكنز فقال مالك: عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر أنه قال: الكنز هو المال الذي لا تؤدي منه الزكاة وهو المستحق عليه الوعيد. قوله: (ولا ينفقونها) الضمير يرجع إلى الذهب والفضة من جهة المعنى لأن كل واحد منهما جملة وافية وعدة كثيرة، وقيل: إلى الكنوز، وقيل: إلى الأموال. قوله: (فبشرهم بعذاب أليم) جعل الوعيد لهم بالعذاب موضع البشرى بالنعيم.
4659 ح دثنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد أن عبد الرحمان الأعرج حدثه أنه قال حدثني أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (شجاعا أقرع) وأخرجه هنا مختصرا وقد مضى في كتاب الزكاة في: باب إثم مانع الزكاة، بغير هذا الإسناد عن أبي هريرة بأتم منه ، وأخرج بالإسناد المذكور هنا بعينه عن أبي هريرة بعين المتن المذكور. وأبو الزناد، بكسر الزاي وبالنون الخفيفة: عبد الله بن ذكوان، وعبد الرحمن هو ابن هرمز الأعرج، والشجاع الحية فإذا كان الشجاع أقرع يكون أقوى سما.
4660 ح دثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حصين عن زيد بن وهب قال مررت على أبى ذر بالربذة فقلت ما أنزلك بهاذه الأرض قال كنا بالشأم فقرأت: * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) * قال معاوية: ما هاذه فينا ما هاذه إلا في أهل الكتاب قال قلت إنها لفينا وفيهم..
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»