عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ٢٣
إلى جميل خلقه صلى الله عليه وسلم. قوله: (أطلقوا ثمامة)، وفي رواية قال: قد عفوت عنك يا ثمامة وأعتقك. قوله: (إلى نخل)، بالخاء المعجمة وفي كتاب الصلاة: بالجيم، وهو الماء، قاله الكرماني. قوله: (وبشره)، أي: بخير الدنيا والآخرة. قوله: (صبوت)، أي: ملت إلى دين غير دينك. قوله: (قال: لا)، أي: لا صبوت من الدين، لأن عبادة الأوثان ليست بدين حتى إذا تركتها أكون خارجا من دين بل دخلت في دين الإسلام و (أسلمت مع محمد) بمعنى: وافقته على دين الحق فصرنا متصاحبين في الإسلام، وفي رواية ابن هشام: ولكن تبعت خير الدين دين محمد صلى الله عليه وسلم. قوله: (حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم) أي: إلى أن يأذن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال ابن هشام: ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا، فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. إنك تأمر بصلة الرحم، فكتب إلى ثمامة: أن تخلى بينهم وبين الحمل إليهم.
4373 ح دثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن عبد الله بن أبي حسين حدثنا نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته وقدمها في بشر كثير من قومه فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله وإني لأراك الذي أريت فيه ما رأيت وهذا ثابت يجيبك عني ثم انصرف عنه. قال ابن عباس فسألت عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك اري الذي أريت فيه ما رأيت فأخبرني أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما فأوحي إلي في المنام أن انفخهما فنفختهما فطارا فأولتهما كذابين يخرجان من بعدي أحدهما العنسي والآخر مسيلمة..
مطابقته للجزء الأول للترجمة لأن مسيلمة قدم في وفد نبي حنيفة: وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة، وقد تكرر ذكرهما، وعبد الله بن أبي حسين هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بن الحارث النوفلي، تابعي صغير مشهور نسب هنا إلى جده، ونافع بن جبير بن مطعم بن مهدي بن نوف بن عبد مناف القرشي المدني، مات في خلافة سليمان بن عبد الملك.
والحديث مضى بهذا الإسناد في: باب علامات النبوة ومضى الكلام فيه هناك، ونذكر بعض شيء وإن كان في بعضه تكرار.
قوله: (قدم) إلى المدينة (مسيلمة) تصغير مسلمة ابن ثمامة بن بكير، بالباء الموحدة: ابن حبيب بن الحارث من بني حنيفة، قال ابن إسحاق: ادعى النبوة سنة عشر وقدم مع قومه وأنهم تركوه في رحالهم يحفظها لهم وذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذوا منه جائزته، وأنه قال لهم: إنه ليس بشركم، وأن مسيلمة لما ادعى أنه أشرك النبوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، احتج بهذه المقالة. قيل: هذا شاذ ضعيف السند لانقطاعه، فكيف يوافق ما في (الصحيح) أن النبي صلى الله عليه وسلم، اجتمع به وخاطبه بما ذكره في الحديث؟ ثم وفق بينهما بأن يكون له القدوم مرتين: مرة تابعا، ومرة متبوعا، فإن قيل: القصة واحدة، قيل له: كانت إقامته في رحالهم باختياره أنفة واستكبارا أن يحضر مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، وعامله النبي صلى الله عليه وسلم، معاملة الكرم على عادته في الاستئلاف. ومعنى قوله: (إنه ليس بشركم) أي: مكانا، لكونه كان يحفظ رحالهم، وأراد استئلافه بالإحسان بالقول والفعل، فلما لم يفد في مسيلمة توجه بنفسه إليه ليقيم عليه الحجة. قوله: (إن جعل لي محمد)، أي: الخلافة، ويروى: (إن جعل لي محمد الأمر)، وهذا هو الأشهر. قوله: (وقدمها)، أي: المدينة (في بشر كثير) وقال الواقدي: كان معه من قومه سبعة شعر نفسا. قوله: (ولن تعدو)، بالنصب في رواية الأكثرين، وروى
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»