عمدة القاري - العيني - ج ١٨ - الصفحة ١٠٦
تصوموا خير لكم) * (البقرة: 184) قال: لأنها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام لم يناسب أن يقال: * (وإن تصوموا خير لكم) * مع أنه لا يطيق الصيام.
4507 ح دثنا قتيبة حدثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة قال لما نزلت * (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) * كان من أراد أن يفطر ويقتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.
هذا أيضا صريح في دعوى النسخ وأخرجه مسلم في الصوم وأبو داود والترمذي أيضا فيه والنسائي في التفسير، خمستهم عن قتيبة عن بكر بن مضر.
قال أبو عبد الله مات بكير قبل يزيد أبو عبد الله هو البخاري نفسه، هذا ثبت في رواية المستعلى وحده، أي: مات بكير بن عبد الله بن الأشج الراوي عن يزيد بن أبي عبيد مولى مسلمة قبل شيخه يزيد، وكانت وفاة بكير سنة عشرين ومائة، وقيل: قبلها أو بعدها، ومات يزيد سنة ست أو سبع وأربعين ومائة.
27 ((باب: * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) * (البقرة: 187)) أي: هذا في بيان أحكام هذه الآية وهكذا هو في رواية أبي ذر. وساق في رواية كريمة إلى آخر الآية قوله: (أحل لكم) وقرئ (أحل لكم ليلة الصيام الرفث) على بناء الفاعل في: أحل، وبنصب الرفث أي أحل الله لكم الرفث أي: الجماع. وقرأ عبد الله الرفوث، وإنما أفصح فيما ينبغي أن يكنى عنه استقباحا لما وجد منهم قبل الإباحة كما سماه اختنانا لأنفسهم عدى بكلمة إلى لتضمنه معنى الإفضاء وسبب نزول الآية هو دفع المشقة عن عباده، وذلك أن الرجل كان يحل له الأكل والشرب والجماع إلى أن يصلي العشاء الآخرة أو يرقد، فإذا صلى أو رقد ولم يفطر حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى القابلة. ثم أن ناسا من المسلمين أصابوا من الطعام والشراب بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه واقع أهله بعد العشاء، فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما فعل. وقام ناس أيضا فاعترفوا بما كانوا صنعوا بعد العشاء. فنزلت رخصة من الله ورفع ما كانوا عليه في ابتداء الإسلام قوله: (هن لباس لكم) استئناف كالبيان لسبب الإحلال، ولما كان الرجل والمرأة يعتنقان ويشتمل كل واحد منهما على صاحبه في عناقه شبه باللباس المشتمل عليه. قوله: (تختانون أنفسكم)، أي: تظلمونها وتنقصونها حظها من الخير والاختنان من الختن كالاكتساب من الكسب فيه زيادة شدة. قوله: (فتاب عليكم)، أي: حين تبتم من المحظور. قوله: (فالآن باشروهن)، أي: في الوقت الذي كان يحرم عليكم الجماع فيه. والمباشرة المجامعة لتصلاق بشرة كل منهم بصاحبه. قوله: (وابتغوا ما كتب الله لكم)، أي: اطلبوه يقال: بغى الشيء يبغيه بغيا وابتغاه يبتغيه ابتغاء. ومعنى: (ما كتب الله لكم) ما قضاه لكم من الولد. وقيل: ما أحل لكم من الجماع. وقيل: ما كتب في اللوح المحفوظ والأمر أمر إباحة وقال أهل الظاهر أمر إيجاب وختم.
4508 ح دثنا عبيد الله عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء وحدثنا أحمد بن عثمان حدثنا شريح بن مسلمة قال حدثني إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله تعالى عنه لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله تعالى * (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم) *.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»