عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٤٩
الحاكم من طريق معمر عن الزهري، قال أخبرني عروة أنه سمع الزبير... الحديث. قوله: (لقي الزبير) أي: ابن العوام، وقال موسى ابن عقبة: يقال: لما دنا، أي: النبي صلى الله عليه وسلم كان طلحة قدم من الشام، فخرج عامدا إلى مكة إما متلقيا وإما معتمرا ومعه ثياب أهداها لأبي بكر من ثياب الشام، فلما لقيه أعطاه فلبس منها هو وأبو بكر، رضي الله تعالى عنه. وقال الدمياطي: لم يذكر الزبير بن بكار الزبير بن العوام ولا أهل السير، وإنما هو طلحة بن عبيد الله. وقال ابن سعد: لما ارتحل النبي صلى الله عليه وسلم، من الحجاز في هجرته إلى المدينة لقيه طلحة بن عبيد الله من الغد جائيا من الشام، فكسا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر من ثياب الشام، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أن من بالمدينة من المسلمين قد استبطأوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فتعجل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد رجح الدمياطي الذي في (السير) على الذي في (الصحيح) والأولى أن يجمع بينهما بأن يكون كل من طلحة والزبير أهدى لهما من الثياب. قوله: (في ركب)، بفتح الراء وسكون الكاف: جمع راكب، كتجر جمع تاجر. قوله: (قافلين)، نصب على الحال، أي: راجعين. قوله: (مخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم). ويروى: بمخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو مصدر ميمي بمعنى الخروج. قوله: (يغدون) بسكون الغين المعجمة أي: يخرجون غدوة. قوله: (أو في رجل)، أي: اطلع إلى مكان عال فأشرف منه. قوله: (على أطم)، بضمتين وهو الحصن، ويقال: بناء من حجر كالقصر. قوله: (مبيضين)، نصب على الحال أي: عليهم الثياب البيض التي كساهم إياها الزبير أو طلحة أو كلاهما، وقال ابن التين: يحتمل أن يكون معناه: مستعجلين، وحكى عن ابن فارس، يقال: بائض أي مستعجل. قوله: (يزول بهم السراب)، أي: يزول السراب عن النظر بسبب عروضهم له، وقيل: معناه ظهرت حركتهم فيه للعين، والسراب بفتح السين المهملة هو الذي يرى في شدة الحر كالماء، فإذا جئته لم تلق شيئا، كما قال تعالى: * (يحسبه الظمآن ماء) * (النور: 39). الآية. قوله: (يا معشر العرب)، وفي رواية عبد الرحمن بن عويمر: يا بني قيلة، بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وهي: الجدة الكبرى من الأنصار والدة الأوس والخزرج، وهي: قيلة بنت كاهل بن عدي. قوله: (هذا جدكم)، بفتح الجيم أي: حظكم وصاحب دولتكم الذي تتوقعونه، وفي رواية معمر: (هذا صاحبكم). قوله: (بظهر الحرة)، بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء، وهي الأرض التي عليها الحجارة السود، وقد مرت غير مرة. قوله: (في بني عمرو بن عوف)، أي: ابن مالك بن أوس بن حارثة، ومنازلهم بقباء وهي على فرسخ من المسجد النبوي بالمدينة. قوله: (وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول)، ولم يبين أي يوم الاثنين من الشهر، وفيه اختلاف كثير. ففي رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب: قدمها لهلال ربيع الأول، أي: أول يوم منه، وعن ابن إسحاق: قدمها لليلتين خلتا من ربيع الأول، ونحوه عند أبي معشر، لكن قال: ليلة الاثنين. وفي (شرف المصطفى) من طريق أبي بكر بن حزم: قدم لثلاث عشرة من ربيع الأول، وفيه من حديث عمر: ثم نزل على بني عمرو بن عوف يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ربيع الأول، وعند الزبير في خبر المدينة عن ابن شهاب: في نصف ربيع الأول، ويمكن الجمع بين هذه الروايات بالحمل على الاختلاف في مدة إقامته بقباء، فعن أنس: أنه أقام بقباء أربع عشرة ليلة، وعن الكلبي أربع ليال فقط، وعن موسى بن عقبة: ثلاث ليال، وحكى عن الزبير بن بكار اثنين وعشرين يوما، وعلى اعتداد يوم الدخول والخروج وعدم اعتدادهما، فافهم. قوله: (فقام أبو بكر للناس) أي: يتلقاهم. قوله: (فطفق) أي: جعل من جاء من الأنصار يحيى أبا بكر، أي: يسلم عليه قال ابن التين: إنما كانوا يفعلون ذلك بأبي بكر لكثرة تردده إليهم في التجارة إلى الشام، فكانوا يعرفونه، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأتها بعد أن كبر. قوله: (فنزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف) قيل: نزل على كلثوم به الهدم، وقيل: سعيد بن حثمة، ولا خلاف أنه نزل في المدينة على أبي أيوب، رضي الله تعالى عنه. قوله: (وأسس المسجد)، أي: مسجد قباء. قوله: (المسجد الذي أسس على التقوى) هذا صريح في أنه مسجده، وقد اختلف في ذلك في زمانه، فقيل: إنه مسجده، وقيل: إنه مسجد قباء، والأول أثبت. وقال الداودي: إنه ليس باختلاف، وكلاهما أسس على التقوى. قوله: (وكان مربدا) بكسر الميم وسكون الراء وفتح الباء الموحدة، وهو الموضع الذي يجفف فيه التمر. قوله: (لسهيل وسهل) ابني رافع بن عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، وسهيل شهد بدرا دون أخيه سهل. قوله: (في حجر أسعد بن زرارة) بفتح الحاء وسكون الجيم وهو من حجر الثوب، وهو طرفه المقدم لأن الإنسان يربي ولده في حجره
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»