عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ٤٣
مطابقته للترجمة ظاهرة أظهر ما يكون. ورجاله قد ذكروا غير مرة، وعقيل، بضم العين، ومضى جزء من أول هذا الحديث في كتاب الصلاة في: باب المسجد يكون في الطريق أخرجه هناك بهذا الإسناد بعينه، وكذلك أخرجه في كتاب الإجازة في: باب استئجار المشركين عند الضرورة، عن إبراهيم بن موسى عن هشام عن معمر عن الزهري عن عائشة، من قوله: واستأجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رجلا من بني الديل، إلى قوله: وهو على طريق الساحل، وكذلك أخرجه في الكفالة بإسناد هذا الباب من قوله: إن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان إلى قوله: ورق السمر أربعة أشهر، وكذلك أخرجه في الأدب في: باب هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرة وعشية فإنه أخرجه هناك عن إبراهيم عن هشام إلى آخره، من قوله: قالت: لم أعقل أبوي... إلى قوله: قد أذن لي بالخروج، وحاصل الكلام أن البخاري أخرج هذا الحديث في هذه المواضع مقطعة مختصرة، ولم يخرجه مطولا إلا هنا فافهم.
ذكر معناه: قوله: (أبوي)، وهما أبو بكر الصديق وأم رومان، ولفظ: أبوي، تثنية مضافة إلى ياء المتكلم منصوبة على المفعولية. قوله: (الدين)، أي: دين الإسلام، وقال بعضهم: وهو منصوب بنزع الخافض أي: بالدين، ويجوز أن يكون مفعولا به على التجوز. قلت: إذا قلنا: معنى يدينان يطيعان من الدين بمعنى الطاعة. لا يحتاج إلى تقدير ناصب، لأن المعنى حينئذ إلا وهما يطيعان الدين. أي: الإسلام، وكل من يطيع الإسلام فهو مسلم. وقوله: على تجوز، فيه نظر لا يخفى. قوله: (فلما ابتلي المسلمون) أي: بأذى الكفار من قريش وغيرهم. قوله: (مهاجرا)، حال من أبي بكر. قوله: (نحو أرض الحبشة)، يعني: ليلحق من سبقه إليها من المسلمين. قوله: (برك الغماد)، البرك، بفتح الباء الموحدة وحكى كسرها وسكون الراء وبالكاف، وقال الجوهري: البرك مثل القرد موضع بناحية اليمن، والغماد، بكسر الغين المعجمة وتخفيف الميم وبالدال المهملة: وهو موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن مما يلي ساحل البحر، وقال ابن فارس بضم الغين، وفي (التوضيح): برك الغماد موضع في أقاصي هجر. قوله: (ابن الدغنة)، بضم الدال المهملة والغين المعجمة وتشديد النون عند أهل اللغة، وعند المحدثين بفتح الدال وكسر الغين وفتح النون الخفيفة، وقال الجياني: رويناه بهما وهو اسم أمه، وقيل: أم أبيه، وقيل: دايته، ومعنى الدغنة: المسترخية، وأصلها الغمامة الكثيرة المطر. وعن الواقدي عن معمر عن الزهري: أن اسمه الحارث بن زيد، وحكى السهيلي أن اسمه مالك، وقال الكرماني: قال ابن إسحاق: اسمه ربيعة، بفتح الراء. وقال بعضهم: ووقع في شرح الكرماني أن ابن إسحاق سماه ربيعة بن رفيع، وهو وهم من الكرماني، فإن ربيعة المذكور آخر يقال له ابن الدغنة لكنه سلمي، والمذكور هنا من القارة. قلت: لا ينسب الكرماني إلى الوهم لأنه نقل عن ابن إسحاق أنه قال: ابن الدغنة اسمه ربيعة بن رفيع، ولم يذكر أنه سلمي أو من القارة، فالوهم من غيره، وأما السلمي فذكره أبو عمر، وقال: ربيعة ابن رفيع أهبان بن ثعلبة السلمي، كان يقال له ابن الدغنة، وهي أمه. فغلبت على اسمه، شهد حنينا ثم قدم على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بني تميم وهو الذي قتل دريد بن الصمة يوم حنين، وآخر يقال له: ابن دغنة، يسمى حابس وذكره أبو عمر وذكره الذهبي عنه، وقال حابس بن دغنة الكلبي له في أعلام النبوة وله صحبة ورؤية. قوله: (وهو سيد القارة)، بالقاف وتخفيف الراء وهي قبيلة مشهورة من بني الهون، بالضم والتخفيف: ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر كانوا حلفاء بني زهرة من قريش. قوله: (أخرجني قومي)، لم يخرجوه حقيقة ولكنهم تسببوا في خروجه. قوله: (أن أسيح) بالسين والحاء المهملتين من السياحة يقال ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها وأصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط على الأرض ومعناه ههنا إرادة مفارقة الأمصار وسكنى البراري، وإنما قال أبو بكر: إن أسيح، ولم يذكر جهة مقصده مع أنه قصد التوجه إلى أرض الحبشة، لأن ابن الدغنة كان كافرا. قوله: (لا تخرج ولا تخرج)، الأول: بفتح التاء من الخروج، والثاني: بضمها على صيغة المجهول من الإخراج. قوله: (المعدوم)، وفي رواية الكشميهني: المعدم، ومعنى: (تكسب المعدوم) تعطيه المال وتملكه إياه، يقال: كسبت للرجل مالا وأكسبته، وقال الخطابي: وأفصح اللغتين حذف الألف، ومنع القزاز إثباتها وجوزها ابن الأعرابي. قوله: (وتحمل الكل)، بفتح الكاف وتشديد اللام: وهو ما يثقل حمله من القيام بالعيال ونحوه مما لا يقوم
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»