يقال: إنمعض من شيء سمعه وامتعض إذا غضب وشق عليه، وفي (المطالع) للأصيلي والهمداني: امتعظوا بمعنى كرهوا، وهو غير صحيح في الخط والهجاء، وإنما يصح: امتعضوا، بضاد غير مشالة كما عند أبي ذر وعبدوس بمعنى: كرهوا وأنفوا، ووقع عند القابسي: امعظوا، بتشديد الميم وظاء معجمة، وعند بعضهم: اتغظوا، من الغيظ، وعند بعضهم عن النسفي: وانغضوا، بغين معجمة وضاد معجم غير مشالة من الإنغاص وهو الاضطراب، قال: وكل هذه الروايات إحالات وتعبيرات ولا وجه لشيء من ذلك إلا: امتعضوا. قوله: (مهاجرات)، حال من المؤمنات. قوله: (أم كلثوم بنت عقبة)، بضم العين وسكون القاف: ابن أبي معيط واسمه أبان بن أبي عمرو، واسم أبي عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وقال أبو عمر: أسلمت أم كلثوم بمكة قبل أن تأخذ النساء في الهجرة إلى المدينة ثم هاجرت وبايعت فهي من المهاجرات المبايعات، وقيل: هي أول من هاجر من النساء، وكانت هجرتها سنة سبع في الهدنة التي كانت بين رسول الله، صلى الله عليه وسلم وبين المشركين من قريش، وقال ابن إسحاق: هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط في هدنة الحديبية فخرج أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه أن يردها عليهما بالعهد الذي كان بينه وبين قريش في الحديبية، فلم يفعل، وقال: أبى الله ذلك. قال أبو عمر: يقولون إنها مشت على قدميها من مكة إلى المدينة، فلما قدمت المدينة تزوجها زيد بن حارثة فقتل عنها يوم مؤتة، فتزوجها الزبير بن العوام فولدت له زينب ثم طلقها، فتزوجها عبد الرحمن بن عوف فولدت له إبراهيم وعوفا، ومات عنها فتزوجها عمرو بن العاص، فمكثت عنده شهرا وماتت، وهي أخت عثمان لأمه، وأمها أورى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف. قوله: (وهي عاتق) أي: شابة، وقيل: من أشرفت على البلوغ، وقيل: من لم تتزوج.
قوله: (قال ابن شهاب: وأخبرني عروة) هو موصول بالإسناد المذكور، وقد وصله الإسماعيلي عن أبي يعلى عن أبي خيثمة عن يعقوب بن إبراهيم به. قوله: (كان يمتحن)، من الامتحان وهو الابتلاء، أي: كان يمتحنهن بالحلف والنظر في الأمارات ليغلب على ظنه صدق إيمانهن، وعن ابن عباس: معنى: امتحانهن: أن يستحلفن من خرجن من بغض زوج، وما خرجن رغبة عن أرض إلى أرض، وما خرجن التماس دنيا، وما خرجن إلا حبا لله ورسوله. قوله: (بهذه الآية) وهي قوله تعالى: * (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن) * (الممتحنة: 12). الآية، وسبب نزول هذه الآية ما ذكره المفسرون: أن الله تعالى لما نصر رسوله وفتح مكة وفرغ من بيعة الرجال جاءت النساء يبايعنه، فنزلت هذه الآية، وهو على الصفا وعمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، أسفل منه وهو يبايع النساء بأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويبلغهن عنه. قوله: (وعن عمه)، هو عطف على قوله: (حدثني ابن أخي ابن شهاب عن عمه)، وهو موصول بالإسناد المذكور. قوله: (قال بلغنا...) إلى آخره، مرسل وهو موصول من رواية معمر. قوله: (ما أنفقوا)، أي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم، برد ما أنفق المشركون على نسائهم المهاجرات إليهم، وقال أبو زيد من أصحابنا الحنفية: هو عند أهل العلم مخصوص بنساء أهل العهد والصلح، وكان الامتحان أن تستحلف المهاجرة أنها ما خرجت ناشزة ولا هاجرت إلا لله ولرسوله، فإذا حلفت لم ترد ورد صداقها إلى بعلها، وإن كانت من غيري أهل العهد لم تستحلف ولم يرد صداقها. قوله: (وبلغنا أن أبا بصير... فذكره مطولا) أشار به إلى ما مضى من قصة أبي بصير في كتاب الشروط مطولا، واختصره ههنا، وأبو بصير، بفتح الباء الموحدة وكسر الصاد المهملة، وقد اختلف في اسمه ونسبه، وقد مر الكلام فيه في كتاب الشروط.
4183 حدثنا قتيبة عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما خرج معتمرا في الفتنة فقال إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بعمرة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أهل بعمرة عام الحديبية..
مطابقته للترجمة في قوله: (عام الحديبية) والحديث مضى في كتاب الحج في: باب إذا أحصر المعتمر، فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره. قوله: (في الفتنة) أي: في أيام الفتنة. قوله: (إن صددت)، على صيغة المجهول أي: إن منعت.