عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ٢٢٤
وسمي الحواريون لبياض ثيابهم هذا من كلام البخاري، أراد به حواري عيسى، عليه الصلاة والسلام. ووصله ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس به، وقال أبو أرطأة. كانوا قصارين فسموا بذلك لأنهم كانوا يحورون الثياب، أي: يبيضونها، وقال الضحاك: سموا حواريين لصفاء قلوبهم، وقال عبد الله بن المبارك: سموا بذلك لأنهم كانوا نورانيين، عليهم أثر العبادة ونورها وبهاؤها، وأصل الحوار عند العرب البيض، ومنه: الأحور والحوراء، ودقيق حواري، وقال قتادة: هم الذين تصلح لهم الخلافة، وقال النضر بن شميل: الحواري خاصة الرجل الذي يستعين به فيما ينوبه، وقيل: الحواريون كانوا صيادين يصطادون السمك، وقيل: كانوا صباغين، وقال الثعلبي: كانوا أصفياء عيسى وأولياءه وأنصاره ووزراءه، وكانوا اثني عشر رجلا وأسماؤهم: بطرس ويعقوبس ويحنس واندرابيس وقبيلس وابرثلما ومنتا وأتوماس ويعقوب بن خلقانا ونشيمس وقنانيا ويوذس، فهؤلاء حواريو عيسى، عليه الصلاة والسلام، وأما حواريو هذه الأمة فقال قتادة: إن الحواريين كلهم من قريش: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وحمزة وجعفر وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، رضي الله تعالى عنهم.
7173 حدثنا خالد بن مخلد حدثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه قال أخبرني مروان بن الحكم قال أصاب عثمان بن عفان رعاف شديد سنة الرعاف حتى حبسه عن الحج وأوصاى فدخل عليه رجل من قريش قال استخلف قال وقالوه قال نعم قال ومن فسكت فدخل عليه رجل آخر أحسبه الحارث فقال استخلف فقال عثمان وقالوا فقال نعم قال ومن هو فسكت قال فلعلهم قالوا الزبير قال نعم قال أما والذي نفسي بيده إنه لخيرهم ما علمت وإن كان لأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. (الحديث 7173 طرفه في: 8173).
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (أما والذي نفسي بيده...) إلى آخره. وخالد بن مخلد، بفتح الميم واللام وسكون الخاء المعجمة بينهما: البجلي القطواني الكوفي، وعلي بن مسهر، بضم الميم على لفظ اسم الفاعل من الإسهار بالسين المهملة.
وهذا الحديث ذكره الحافظ المزي في مسند عثمان، رضي الله تعالى عنه. وأخرجه النسائي في المناقب عن معاوية بن صالح.
قوله: (رعاف) بالرفع لأنه فاعل: أصاب، وعثمان بالنصب مفعوله. قوله: (سنة الرعاف) كان ذلك سنة إحدى وثلاثين، وكان للناس فيها رعاف كثير. قوله: (استخلف) أي: اجعل لك خليفة من بعدك. قوله: (قال وقالوه) أي: قال عثمان وقال الناس هذا القول، قال الرجل: نعم قالوه. قوله: (قال: ومن) أي: قال عثمان: ومن استخلفه؟ فسكت الرجل. قوله: (فدخل عليه) أي: على عثمان. قوله: (الحارث) يعني ابن الحكم وهو أخو مروان راوي الخبر. قوله: (فقال:
استخلف) أي: فقال الحارث لعثمان: استخلف. قوله: (وقال وقالوا) أي: وقال عثمان وقال الناس هذا. قوله: (فقال: نعم) أي: فقال الحارث: نعم قالوا هذا القول. قوله: (قال: ومن هو؟) أي: قال عثمان: من هو الخليفة الذي قالوا إني استخلفه؟ قوله: (فسكت) أي: الحارث. قوله: (قال: فلعلهم قالوا: الزبير؟) أي: قال عثمان، رضي الله تعالى عنه، فلعل هؤلاء قالوا: هو الزبير بن العوام. قوله: (قال: نعم) أي: قال الحارث: قالوا هو الزبير بن العوام. قوله: (قال: أما والذي)، أي: قال عثمان: أما وحق الله الذي نفسي بيده (إنه) أي: الزبير لخيرهم، أي: لخير هؤلاء. قوله: (ما علمت) يجوز أن تكون: ما، مصدرية أي: في علمي، ويجوز أن تكون موصولة، ويكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو الذي علمت، والضمير المنصوب الذي يرجع إلى الموصول محذوف تقديره: علمته. قال الداودي: يحتمل أن يكون المراد من الخيرية في شيء مخصوص: كحسن الخلق، وإن حمل على ظاهره ففيه ما يبين أن قول ابن عمر: ثم نترك أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم، لم يرد به جميع الصحابة، فإن بعضهم قد وقع منه تفضيل بعضهم على بعض، وهو عثمان في حق الزبير، رضي الله تعالى عنهما. قوله: (وإن كان)، كلمة: إن، مخففة
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»