ذكر معناه: قوله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ) إخبار ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، بقوله: كان، يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر التعويذ بقوله: أعوذ بكلمات الله التامة... إلى آخره. قوله: (يعوذ، من التعويذ)، يقال: عذت به أعوذ عوذا وعياذا ومعاذا أي: لجأت إليه، فالتعوذ والاستعاذة والتعويذ كلها بمعنى واحد، يعني: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين بقوله: أعوذ بكلمات الله التامة إلى آخره، ويقول لهما: إن أباكما كان يعوذ بها، أي: بهذه الكلمات إسماعيل وإسحاق أبنيه، وبين هذه الكلمات بقوله: أعوذ بكلمات الله... إلى آخره. قوله: (إن أباكما) أراد به إبراهيم كما ذكرنا، وأضيف إليهما لأنهما من نسله. قوله: (بكلمات الله) إما باقية على عمومها فالمقصود ههنا: كل كلمة لله، وإما مخصوصة بنحو المعوذتين، وقال الهروي: القرآن. والتامة: صفة لازمة، إذ كل كلماته تامة، وقيل: المراد بالتامة الكاملة، وقيل: النافعة، وقيل: الشافية، وقيل: المباركة، وقيل: القاضية التي تمضي وتستمر ولا يردها شيء ولا يدخلها نقص ولا عيب، وقال ابن التين: التام فضلها وبركاتها. قوله: (من كل شيطان) قال الداودي: يدخل فيه شياطين الإنس والجن. قوله: (وهامة)، بتشديد الميم واحدة الهوام ذوات السموم، وقيل: كل ما له سم يقتل، وأما ما لا يقتل فيقال لها: سوام، وقيل: المراد كل نسمة تهم بسوء، وقال ابن فارس: الهوام حشرات الأرض. وقال الهروي: الهوام الحيات وكل ذي سم يقتل، وقد تقع الهامة على ما يدب من الحيوان، ومنه. قوله صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة: أيؤذيك هوام رأسك، أراد القمل، سماها هوام لأنها تهم في الرأس وتدب. قوله: (لامة)، العين اللامة هي التي تصيب بسوء، وقيل: اللامة الملمة، وإنما أتى بها على فاعلة للمزاوجة، ويجوز أن تكون على ظاهرها بمعنى: جامعة للشر على المعيون، من لمه إذا جمعه، وقال أبو عبيد: أصلها من ألممت إلماما بالشيء: نزلت به، ولم يقل: ملمة، كأنه أراد بها ذات لمم، وقال الخطابي: اللامة ذات اللمم، وهي كل داء مر، وآفة تلم بالإنسان من جنون وخبل ونحوه، وقال الداودي: هي كل عين تصيب الإنسان إذا حلت به.
11 ((باب قوله عز وجل: * (ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه..) * (الحجر: 15). الآية: لا توجل لا تخف)) أي: هذا باب في بيان قوله تعالى: * (ونبئهم عن ضيف إبراهيم...) * (الحجر: 15). الآية وأشار به إلى قصة من قصص إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، وهي: دخول الملائكة، قوله: الذين أرسلوا إلى هلاك قوم لوط صلى الله عليه وسلم عليه حتى حصل له الوجل منهم، وذلك لامتناعهم من الأكل، وقيل لأنهم دخلوا بغير وقت وبغير إذن، وتمام الآية قوله: * (قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم) * (الحجر: 15). قوله: (ونبئهم)، أي: نبيء عبادي عن ضيف إبراهيم وقصته أن الله تعالى أرسل لوطا إلى قومه ينهاهم عما يرتكبون من المعاصي والفواحش فلم ينتهوا بل ازدادوا عتوا وفسادا، وقالوا: ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين، فسأل لوط ربه أن ينصره عليهم فأجاب الله دعاءه وبعث أربعة من الملائكة: جبريل وميكائيل وإسرافيل ودردائيل، وقيل: رفائيل لإهلاكهم، وبشارة إبراهيم بالولد، فأقبلوا مشاة في صورة رجال مرد حسان حتى نزلوا على إبراهيم صلى الله عليه وسلم وكان الضيف قد حبس عنه خمس عشرة ليلة حتى شق ذلك عليه، وكان لا يأكل إلا مع الضيف مهما أمكنه، فلما رآهم سر بهم لأنه رأى ضيفا لم يضف مثلهم حسنا وجمالا، فقال: لا يخدم هؤلاء، إلا أنا فخرج إلى أهله فجاء بعجل حنيذ، وهو المشوي بالحجارة، فقربه إليهم فأمسكوا أيديهم: * (قال: إنا منكم وجلون) * أي: خائفون * (قالوا: لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم) * (الحجر: 15). أي: يكون عليميا بالدين. وفسر البخاري قوله: (لا توجل) بقوله: (لا تخف) من وجل ييجل ويوجل فهو وجل، أي: خائف فزع، وقرأ الحسن: لا توجل، بضم التاء من: أوجله يوجله إذا أخافه، وقرئ لا تأجل ولا تواجل. من واجله بمعنى أوجله.
* (ولاكن ليطمئن قلبي) * (البقرة: 062).
وفي بعض النسخ: * (وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * (البقرة: 062). وهذه رواية أبي ذر، ووقع في رواية كريمة: * (ولكن ليطمئن قلبي) * (البقرة: 062). فقط، وسقط كل ذلك للنسفي، فحديث أبي هريرة عند تكملة الباب الذي قبله، وأما الكرماني فإنه كذلك لم يذكر منه شيئا، لا لفظ الباب ولا لفظ الترجمة.
قوله: * (وإذ قال إبراهيم) * (البقرة: 062). يعني: أذكر يا محمد حين: * (قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى؟...) * (البقرة: 062). الآية وذكر المفسرون لسؤال إبراهيم عليه السلام أسبابا: منها: