حذيفة مرفوعا: يأجوج أمة ومأجوج أربعمائة أمة، كل أمة أربعمائة ألف رجل لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه كلهم قد حملوا السلاح.. الحديث، وذكر أبو نعيم أن صنفا منهم أربعة أذرع عرضا يأكلون مشائم نسائهم. وعن علي، رضي الله تعالى عنه: صنف منهم في طول شبر له مخاليب وأنياب السباع وتداعي الحمام وعواء الذئب وشعور تقيهم الحر والبرد وآذان عظام أحدهما فروة يشتون فيها والأخرى جلدة يصيفون فيها، وفي (التذكرة): وصنف منهم كالأرز طولهم مائة وعشرون ذراعا، وصنف منهم يفترش أذنه ويلتحف بالأخرى ويأكلون من مات منهم. وعن كعب الأحبار: إن التنين إذا آذى أهل الأرض نقله الله تعالى إلى يأجوج ومأجوج فجعله رزقا لهم، فيجزرونها كما يجزرون الإبل والبقر، ذكره نعيم بن حماد في (كتاب الفتن) ورى مقاتل بن حيان عن عكرمة مرفوعا: (بعثني الله ليلة أسرى بي إلى يأجوج ومأجوج فدعوتهم إلى دين الله تعالى فأبوا أن يجيبوني فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس).
وقول الله تعالى * (قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض) * (الكهف: 49).
وقول الله، بالجر عطفا على لفظ: قصة يأجوج ومأجوج. وذو القرنين المذكور في القرآن المذكور في ألسنة الناس بالإسكندر ليس الإسكندر اليوناني، فإنه مشرك ووزيره أرسطاطاليس، والإسكندر المؤمن الذي ذكره الله في القرآن اسمه: عبد الله بن الضحاك بن معد، قاله ابن عباس، ونسب هذا القول أيضا إلى علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، وقيل: مصعب بن عبد الله بن قنان بن منصور بن عبد الله بن الأزد بن عون بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ابن قحطان، وقد جاء في حديث: أنه من حمير وأمه رومية، وأنه كان يقال له ابن الفيلسوف لعقله، وذكر ابن هشام: أن اسمه الصعب بن مراثد وهو أول التبايعة وقال مقاتل من حمير وفد أبوه إلى الروم فتزوج امرأة من غسان فولدت له ذا القرنين عبدا صالحا، وقال وهب بن منبه: اسمه الإسكندر. قلت: ومن هنا يشارك الإسكندر اليوناني في الاسم، وكثير من الناس يخطئون في هذا ويزعمون أن الإسكندر المذكور في القرآن هو الإسكندر اليوناني، وهذا زعم فاسد، لأن الإسكندر اليوناني الذي بنى الإسكندرية كافر مشرك، وذو القرنين عبد صالح ملك الأرض شرقا وغربا. حتى ذهب جماعة إلى نبوته منهم: الضحاك وعبد الله بن عمر، وقيل: كان رسولا، وقال الثعلبي: والصحيح، إن شاء الله، كان نبيا غير مرسل، ووزيره الخضر، عليه الصلاة والسلام، فأنى يتساويان.
واختلفوا في زمانه؟ فقيل: في القرن الأول من ولد يافث بن نوح، عليه الصلاة والسلام، قاله علي، رضي الله تعالى عنه، وأنه ولد بأرض الروم، وقيل: كان بعد نمرود، لعنه الله، قاله الحسن، وقيل: إنه من ولد إسحاق من ذرية العيص، قاله مقاتل، وقيل: كان في الفترة بين موسى وعيسى، عليهما الصلاة والسلام، وقيل: في الفترة بين عيسى ومحمد، عليهما الصلاة والسلام، والأصح أنه كان في أيام إبراهيم الخليل، عليه السلام، واجتمع به في الشام، وقيل: بمكة، ولما فاته عين الحياة وحظي بها الخضر، عليه السلام، اغتم غما شديدا فأيقن بالموت فمات بدومة الجندل، وكان منزله، هكذا روي عن علي، رضي الله تعالى عنه، وقيل: بشهر زور، وقيل: بأرض بابل، وكان قد ترك الدنيا وتزهد، وهو الأصح، وقيل مات بالقدس، ذكره في (فضائل القدس) لأبي بكر الواسطي الخطيب، وكان عدد ما سار في الأرض في البلاد منذ يوم بعثه الله تعالى إلى أن قبض خمسمائة عام، وقال مجاهد: عاش ألف سنة مثل آدم، عليه الصلاة والسلام، وقال ابن عساكر: بلغني أنه عاش ستا وثلاثين سنة، وقيل: ثنتين وثلاثين سنة.
واختلف لم سمي: ذا القرنين، فعن علي، رضي الله تعالى عنه، لما دعا قومه ضربوه على قرنه الأيمن فمات، ثم بعث ثم دعاهم فضربوه على الأيسر فمات ثم بعث. وقيل: لأنه بلغ قطري الأرض المشرق والمغرب، وقيل: لأنه ملك فارس والروم، وقيل: كان ذا ضفيرتين من شعر، والعرب تسمي الخصلة من الشعر قرنا، وقيل: كانت له ذؤابتان، وقيل: كان لتاجه قرنان، وعن مجاهد: كانت صفحتا رأسه من نحاس، وقيل: كان في رأسه شبه القرنين، وقيل: لأنه سلك الظلمة والضوء، قاله الربيع، وقيل: لأنه أعطى علم الظاهر والباطن، حكاه الثعلبي.
وقول الله تعالى: * (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له