بمباح فسكر فهو كالمجنون والمغمى عليه والصبي يسقط عنهم حد القذف وسائر الحدود غير إتلاف الأموال لرفع القلم عنهم، ومن سكر من حلال فحكمه حكم هؤلاء، وعن أبي عبد الله النحال: أن من سكر من ذلك لا طلاق عليه. وحكى الطحاوي: أنه إجماع من العلماء، رحمهم الله تعالى.
2903 حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أخبرته أن فاطمة عليها السلام ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه. فقال لها أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر قالت وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال لست تاركا شيئا كان رسول الله يعمل به إلا عملت به فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس فأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر قال فهما على ذلك إلى اليوم..
قيل: لا مطابقة بين الحديث والترجمة، لأنه ليس فيه ذكر الخمس، وأجيب: بأن من جملة ما سألت فاطمة ميراثها من خيبر، وقد ذكر الزهري أن بعض خيبر صلح وبعضها عنوة، فجرى فيها الخمس، وقد جاء في بعض طرق الحديث في كتاب المغازي، وقالت عائشة: إن فاطمة جاءت تسأل نصيبها مما ترك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، وإلى هذا أشار البخاري، واستغنى بشهرة الأمر عن إيراده مكشوفا بلفظ الخمس في هذا الباب.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى القرشي العامري الأويسي المديني، وهو من أفراده. الثاني: إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إسحاق القرشي الزهري المديني. الثالث: صالح بن كيسان أبو محمد مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، رضي الله تعالى عنه. الرابع: محمد بن مسلم الزهري. الخامس: عروة بن الزبير بن العوام. السادس: أم المؤمنين عائشة، رضي الله تعالى عنها.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في: باب غزوة خيبر، عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة: أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر، رضي الله تعالى عنه... الحديث.
ذكر معناه: قوله: (سألت أبا بكر الصديق، رضي الله تعالى عنهما) قال عياض: تأول قوم طلب فاطمة ميراثها من أبيها على أنها تأولت الحديث أن كان بلغها، قوله، صلى الله عليه وسلم: إنا لا نورث على الأموال التي لها بال، فهو الذي لا يورث لا ما يتركون من طعام وأثاث وسلاح، قال: وهذا التأويل يرده قوله: مما أفاء الله عليه، وقوله: (مما ترك من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة). وقيل: إن طلبها لذلك كان قبل أن تسمع الحديث الذي دل على خصوصية سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بذلك وكانت متمسكة بآية الوصية.: * (وإن كانت واحدة فلها النصف) * (النساء: 11). وقال ابن التين: حكى ابن بطال أن طائفة من الشيعة تزعم أنه لا يورث، قالوا: ولم تطالب فاطمة بالميراث، وإنما طالبت بأن النبي صلى الله عليه وسلم نحلها من غير علم