والدارقطني وأبي نعيم، ويروى: (واتق دعوة المسلمين). قوله: (وأدخل)، بفتح الهمزة وكسر الخاء المعجمة: أمر من الإدخال، يعني: أدخل في المرعى رب الصريمة، بضم الصاد المهملة وفتح الراء مصغر الصرمة وهي القطيعة من الإبل بقدر الثلاثين، والغنيمة مصغر الغنم والمعنى: صاحب القطيعة القليلة من الإبل والغنم، ولهذا صغر اللفظين. قوله: (وإياي)، وكان القياس أن يقول: وإياك، لأن هذه اللفظة للتحذير، وتحذير المتكلم نفسه شاذ عند النحاة، ولكنه بالغ فيه من حيث إنه حذر نفسه، ومراده تحذير المخاطب، وهو أبلغ، لأنه ينهى نفسه، ومراده نهي من يخاطبه، قوله: (نعم ابن عوف)، وهو عبد الرحمن ابن عوف، ونعم ابن عفان، وهو عثمان بن عفان، وإنما خصهما بالذكر على طريق المثال لكثرة نعمهما، لأنهما كانا من مياسير الصحابة، ولم يرد بذلك منعهما البتة، وإنما أراد أنه إذا لم يسع المرعى إلا نعم الفريقين فنعم المقلين أولى، فنهاه عن إيثارهما على غيرهما، وتقديمهما على غيرهما، وقد بين وجه ذلك في الحديث. بقوله: (فإنهما) أي: فإن ابن عوف وابن عفان (إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع أراد أن ماشيتهما إذا هلكت كان لهما عوض ذلك من أموالها من النخل والزرع وغيرهما يعيشان فيها ومن ليس له إلا الصريمة القليلة أو الغنيمة القليلة إن تهلك ماشيتهما يستغيث عمر ويقول انفق علي وعلى بني من بيت المال، وهو معنى قوله: (يأتني ببنيه)، أي: بأولاده، فيقول: يا أمير المؤمنين: نحن فقراء محتاجون، وهذا في رواية الكشميهني هكذا ببنيه، جمع ابن، وفي رواية غيره: (ببيته)، بلفظ:؛ البيت الذي هو عبارة عن زوجته. قوله: (يا أمير المؤمنين!) هكذا هو بالتكرار. قوله: (أفتاركهم أنا؟) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار، والمعنى: أنا لا أتركهم محتاجين، ولا أجوز ذلك فلا بد لي من إعطاء الذهب والفضة إياهم بدل الماء والكلأ. قوله: (لا أبالك)، هو حقيقة في الدعاء عليه، لكن الحقيقة مهجورة، وهي بلا تنوين، لأنه صار شبيها بالمضاف، وإلا فالأصل لا أب لك. قوله: (وأيم الله) من ألفاظ القسم كقولك: لعمر الله وعهد الله، وفيه لغات كثيرة، وتفتح همزتها وتكسر، وهمزتها همزة وصل، وقد تقطع. وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يمين، وغيرهم يقول: هو اسم موضوع للقسم. قوله: (إنهم ليرون)، بضم الياء أي: ليظنون (أني قد ظلمتهم) ويجوز بفتح الياء أي: ليعتقدون. قوله: (قد ظلمتهم)، قال ابن التين: يريد أرباب المواضي الكثيرة، والظاهر أنه أراد أرباب المواشي القليلة، لأنهم الأكثرون، وهم أهل تلك البلاد من بوادي المدينة، يدل عليه قوله: (إنها) أي: إن هذه الأراضي (لبلادهم، فقاتلوا عليها في الجاهلية) والمراد عموم أهل المدينة، ولم يدخل في ذلك ابن عوف ولا ابن عفان. قوله: (لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله) أي: من الإبل التي كان يحمل عليها من لا يجد ما يركب، وجاء عن مالك: أن عدة ما كان في الحمى في زمن عمر، رضي الله تعالى عنه، بلغ أربعين ألفا من إبل وخيل وغيرهما.
وفيه: دليل على أن مشارع القرى وعوامرها التي ترعى فيها مواشي أهلها من حقوق أهل القرية وليس للسلطان بيعه إلا إذا فضل منه فضلة. فإن قلت: قد مضى: (لا حمى إلا لله ولرسوله)، قلت: معناه: لا حمى لأحد يخص به نفسه، وإنما هو لله ولرسوله ولمن ورث ذلك عنه صلى الله عليه وسلم من الخلفاء للمصلحة الشاملة للمسلمين، وما يحتاجون إلى حمايته.
181 ((باب كتابة الإمام للناس)) أي: هذا باب في بيان كتابة الإمام لأجل الناس من المقاتلة وغيرهم. قوله: (كتابة الإمام)، أعم من كتابته بنفسه أو بأمره، وفي بعض النسخ: كتابة الإمام الناس، بنصب الناس على أنه مفعول للمصدر المضاف إلى فاعله، وفي الأول يكون المفعول محذوفا. فافهم.
0603 حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل فقلنا نخاف ونحن ألف وخمسمائة فلقد رأيتنا ابتلينا حتى إن الرجل ليصلي وحده وهو خائف.