عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٣٠٩
لها: مشارف، ولما دناالعدو انحاز المسلمون، إلى قرية يقال لها: مؤتة، فتلاقوا عندها فاقتتلوا، فقتل زيد بن حارثة، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل بها حتى قتل. قال ابن هشام: إن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذها بشماله فقطعت، فاحتضنها بعضديه حتى قتل، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل، ثم أخذها ثابت بن أقرم فقال: يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت! قال ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، رضي الله تعالى عنه، قال الواقدي: لما أخذ خالد الراية قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: الآن حمى الوطيس، فهزم الله العدو وظهر المسلمون، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة. قوله: (خطب رسول الله، صلى الله عليه وسلم) قال الواقدي: حدثني عبد الجبار بن عمارة بن غزية عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، قال: لما التقى الناس بمؤتة جلس رسول الله، صلى الله عليه وسلم على المنبر، وكشف له ما بينه وبين الشام، فهو ينظر إلى معركتهم، فقال: أخذ الراية زيد، وهو زيد بن حارثة ابن شراحيل بن كعب الكلبي القضاعي، مولى رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قوله: (فأصيب) أي قتل. قوله: (ثم أخذها)، أي: الراية جعفر، وهو ابن أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (ثم أخذها عبد الله بن رواحة)، بن ثعلبة بن امرئ القيس الأنصاري الخزرجي. قوله: (من غير إمرة)، بلفظ المصدر النوعي، أي: صار أميرا بنفسه من غير أن يفوض إليه الإمام. قوله: (ففتح عليه)، أي: على خالد. قوله: (وما يسرني)، أو قال: ما يسرهم أنهم عندنا لأن حالهم فيما هم فيه أفضل مما لو كانوا عندنا. قوله: (قال) أي: قال أنس: وإن عينيه لتذرفان، بكسر الراء، يعني: تسيلان دمعا. وقال الداودي: أي: تدفعان وقيل: تدمعان الدمع.
481 ((باب العون بالمدد)) أي: هذا باب في بيان عون الجيش بالمدد، وهو في اللغة ما يمد به الشيء، أي: يزاد ويكثر، ومنه أمد الجيش بمدد إذا أرسل إليه زيادة، ويجمع على أمداد. وقال ابن الأثير: هم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد.
4603 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا ابن أبي عدي وسهل بن يوسف عن سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رعل وذكوان وعصية وبنو لحيان فزعموا أنهم قد أسلموا واستمدوه على قومهم فأمدهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين من الأنصار قال أنس كنا نسميهم القراء يحطبون بالنهار ويصلون بالليل فانطلقوا بهم حتى بلغوا بئر معونة غدروا بهم وقتلوهم فقنت شهرا يدعو على رعل وذكوان وبني لحيان قال قتادة وحدثنا أنس أنهم قرؤوا بهم قرآنا ألا بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ثم رفع ذلك بعد.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (واستمدوه على قومهم فأمدهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين من الأنصار) وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم أبو عمرو السلمي البصري، وسهل بن يوسف أبو عبد الله الأنماطي البصري، وسعيد هو بن أبي عروبة البصري.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الطب وفي المغازي عن عبد الأعلى بن حماد. وأخرجه مسلم في الحدود عن أبي موسى. وأخرجه النسائي في الطهارة وفي الحدود وفي الطب عن محمد بن عبد الأعلى وفي المحاربة عن أبي موسى به.
قوله: (رعل)، بكسر الراء وسكون العين المهملة: ابن خالد بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم قال ابن دريد: رعل من الرعلة وهي النخلة الطويلة، والجمع: رعال (وذكوان) بفتح الذال المعجمة: ابن ثعلبة بن بهثة بن سليم. (وعصية): بضم العين المهملة مصغر عصا: ابن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم، وهؤلاء الثلاثة قبائل في سليم. قوله: (وبنو لحيان) بكسر اللام: حي من هذيل، وقال الحافظ الدمياطي: قوله في هذه الطريق: أتاه رعل وذكوان وعصية وبنو لحيان، وهم: لأن هؤلاء
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 » »»