مشى حولها سبعون ألف وصيفة عن يمينها وعن يسارها، كذلك، وهي تقول: أين الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر؟ وقال ابن عباس: (في الجنة حوراء يقال لها العيناء، لو بزقت في البحر لعذب ماؤه). وقال صلى الله عليه وسلم: (رأيت ليلة الإسراء حوراء جبينها كالهلال، في رأسها مائة ضفيرة، ما بين الضفيرة والضفيرة سبعون ألف ذؤابة، والذوائب أضوء من البدر وخلخالها مكلل بالدر، وصنوف الجواهر وعلى جبينها سطران مكتوبان بالدر والجوهر، في الأول: بسم الله الرحمن الرحيم، وفي الثاني: من أراد مثلي فليعمل بطاعة ربي. فقال لي جبريل: هذه وأمثالها لأمتك). وقال ابن مسعود: (إن الحوراء ليرى مخ ساقها من وراء اللحم والعظم، ومن تحت سبعين حلة، كما يرى الشراب في الزجاج الأبيض). وروي أن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم سئل عن الحور: من أي شيء خلقن؟ فقال: (من ثلاثة أشياء: أسفلهن من المسك، وأوسطهن من العنبر، وأعلاهن من الكافور، وحواجبهن سواد خط في نور). وفي لفظ: سألت جبريل، عليه الصلاة والسلام، عن كيفية خلقهن، فقال: يخلقهن رب العالمين من قضبان العنبر والزعفران مضروبات عليهن الخيام، أول ما يخلق منهن نهد من مسك إذفر أبيض عليه يلتام البدن. وقال ابن عباس: خلقت الحوراء من أصابع رجليها إلى ركبتيها من الزعفران، ومن ركبتيها إلى ثدييها من المسك الإذفر، ومن ثدييها إلى عنقها من العنبر الأشهب، وعنقها من الكافور الأبيض، تلبس سبعون ألف حلة مثل شقائق النعمان، إذا أقبلت يتلألأ وجهها ساطعا كما تتلألأ الشمس لأهل الدنيا، وإذا أقبلت ترى كبدها من رقة ثيابها وجلدها، في رأسها سبعون ألف ذؤابة من المسك، لكل ذؤابة منها وصيفة ترفع ذيلها... وهذه الأحاديث كلها نقلتها من (التلويح) وما وقفت على أصلها فيه.
قوله: (ريحا) أي: عطرا. قوله: (ولنصيفها)، بفتح اللام التي هي للتأكيد، وفتح النون وكسر الصاد المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره فاء: وهو الخمار، بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الميم.
7 ((باب تمني الشهادة)) أي: هذا باب في بيان جواز تمني الشهادة.
7972 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، فإن فيه تمني الشهادة، وهذا السند بعينه قد مضى غير مرة، وأبو اليمان الحكم بن نافع. وهذا الحديث روي عن أبي هريرة من وجه ومضى في كتاب الإيمان في: باب الجهاد من الإيمان.
قوله: (والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم)، وفي رواية أبي زرعة وأبي صالح: (لولا أن أشق على أمتي)، ورواية الباب تفسر المراد بالمشقة المذكورة، وهي أن نفوسهم لا تطيب بالتخلف، ولا يقدرون على التأهب لعجزهم عن آلة السفر من مركوب وغيره، وتعذر وجوده عند النبي صلى الله عليه وسلم، وصرح بذلك في رواية هما، ولفظه: (ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي). قوله: (عن سرية)، أي: قطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو، وجمعه: السرايا، سموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم، من الشيء السري: النفيس. قوله: (والذي نفسي بيده لوددت) ووقع في رواية أبي زرعة بلفظ: (ولددت أني أقتل)، بحذف القسم. قوله: (أني أقتل في سبيل الله)، استشكل بعضهم صدور هذا اليمين من النبي، صلى الله عليه وسلم، مع علمه بأنه لا يقتل، وأجاب ابن التين بأن ذلك لعله كان قبل نزول قوله تعالى: * (والله يعصمك من الناس) * (المائدة: 76). واعترض عليه بأن نزول هذه الآية كان في أوائل ما قدم المدينة، وقد صرح أبو هريرة بسماعه من النبي، صلى الله عليه وسلم، وكان قدومه في أوائل سنة سبع من