ثم سألته فأعطاني ثم قال لي يا حكيم إن هذا المال خضر حلو فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى قال حكيم فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا فكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئا ثم إن عمر دعاه ليعطيه فيأبى أن يقبله فقال يا معشر المسلمين إني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفي رحمه الله.
قيل: وجه دخول هذا الحديث في هذا الباب من جهة أنه صلى الله عليه وسلم زهده في قبول العطية وجعل يد الآخذ سفلى تنفيرا عن قبولها، ولم يقع مثل ذلك في تقاضي الدين، لأن يد آخذ الدين ليست سفلى، لاستحقاق أخذه جبرا، فالدين أقوى، فيجب تقديمه. وقال الكرماني: ووجه آخر، وهو أن عمر، رضي الله تعالى عنه، ألا تهد في توفيته حقه من بيت المال وخلاصه منه، وشبهه بالدين لكونه حقا بالجملة، فكيف إذا كان دينا متعينا؟ فإنه يجب تقديمه على التبرعات قلت ولو تكلفوا غاية ما يكون بأن يذكروا وجه المطابقة بين أحاديث هذا الباب وبين الترجمة فإن فيه تعسفا شديدا يظهر ذلك لمن يتأمله كما ينبغي. والحديث تقدم في كتاب الزكاة في: باب الاستعفاف في المسألة.
قوله: (لا أرزأ) بتقديم الراء على الزاي، أي: لا أخذ من أحد شيئا بعدك.
1572 حدثنا بشر بن محمد السختياني قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يونس عن الزهري قال أخبرني سالم عن ابن عمر عن أبيه رضي الله تعالى عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كلكم راع ومسئول عن رعيته والإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع ومسئول عن رعيته قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه.
.
لم يذكر أحد من الشراح وجه دخول هذا الحديث في هذا الباب، ويمكن أن يكون الوجه في ذلك مثل الذي ذكر في قوله: وقال، عليه الصلاة والسلام: (العبد راع في مال سيده) يتناولا العبد. وبشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة: ابن محمد أبو محمد السختياني المروزي، وهو من أفراده، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، والحديث مضى في كتاب الجمعة في: باب الجمعة في القرى، بعين هذا الإسناد ومضى الكلام فيه.
01 ((باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه ومن الأقارب؟)) أي: هذا باب يذكر فيه: إذا وقف شخص، وفي بعض النسخ: إذا أوقف، بزيادة ألف في أوله، وهي لغة قليلة، ويقال: لغة رديئة. قوله: (ومن الأقارب؟)، كلمة: من، استفهامية، ولم يذكر جواب إذا لمكان الخلاف فيه. وقال الطحاوي، رحمه الله تعالى: اختلف الناس في الرجل يوصي بثلث ماله لقرابة فلان، من القرابة الذين يستحقون تلك الوصية؟ فقال أبو حنيفة، رضي الله تعالى عنه: هم كل ذي رحم محرم من فلان من قبل أبيه أو من قبل أمه. قلت: ولا يدخل الوالدان والولد. قال الطحاوي: غير أنه يبدؤ في ذلك من كانت قرابته منه من قبل أبيه على من كانت قرابته من قبل أمه، أما اعتبار الأقرب فلأن الوصية أخت الميراث، وفيه يعتبر الأقرب فالأقرب، حتى لو كان لفلان عمان وخالان فالوصية للعمين، ولو كان له عم وخالان فللعم النصف وللخالين النصف، وأما اعتبار عدم دخول الوالدين والولد، فلأن الله تعالى عطف الأقربين على الوالدين، والمعطوف