ورد الباقي على الأقرباء. وقال الطبري: وحكي عن طاووس أن جميع ذلك ينتزع من الموصى لهم، ويدفع لقرابته لأن آية البقرة عندهم محكمة. وقال أصحابنا الحنفية: الوصية مستحبة لأنها إثبات حق في ماله فلم تكن واجبة كالهبة والعارية، وليس الاستدلال على وجوب الوصية بحديث الباب بصحيح، لأن ابن عمر راوي الحديث لم يوص، ومحال أن يخالف ما رواه لو كان واجبا، ورد ذلك بأنه إن ثبت فالعبرة لما روي لا بما رأى. وأجيب عنه: بأن في ذلك نسبته إلى مخالفة النبي، صلى الله عليه وسلم، وحاشاه من ذلك، فإذا روي عنه أنه لم يوص على أن الحديث لم يدل على الوجوب لمانع عن ذلك ظهر عنده لأن أمور المسلمين محمولة على الصلاح والسداد، ولا سيما مثل هذا الصحابي الجليل المقدار. فإن قلت: ثبت في (صحيح مسلم) أنه قال: (لم أبت ليلة إلا ووصيتي مكتوبة عندي). قلت: يعارضه ما أخرجه ابن المنذر وغيره: عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع، قال: قيل لابن عمر في مرض موته: ألا توصي؟ قال: أما ما لي فالله يعلم ما كنت أصنع فيه، وأما رباعي فلا أحب أن يشارك ولدي فيها أحد، فإذا جمعنا بينهما بالحمل على أنه كان يكتب وصيبته ويتعاهدها، ثم صار ينجز ما كان يوصي به معلقا، وإليه الإشارة بقوله: الله يعلم ما كنت أصنع في مالي، ولعل الحامل له على ذلك حديث: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح...) الحديث، سيأتي في الرقاق، فصار ينجز ما يريد التصدق به، فلم يحتج إلى تعليق. ونقل ابن المنذر عن أبي ثور أن المراد بوجوب الوصية في الآية والحديث يختص بمن عليه حق شرعي يخشى أن يضيع على صاحبه إن لم يوص به: كوديعة ودين لله أو لآدمي، قال: ويدل على ذلك تقييده بقوله: له شيء يريد أن يوصي فيه، لأن فيه إشارة إلى قدرته على تنجيزه، ولو كان مؤجلا فإنه إذا أراد ذلك ساغ له، وإن أراد أن يوصي به ساغ له. وفيه: جواز الاعتماد على الكتابة والخط ولو لم تقترن ذلك بالشهادة، وبه قال أحمد ومحمد بن نصر من الشافعية وقال الشافعي: معنى هذا الحديث ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، فيستحب تعجيلها، وأن يكتبها في صحته ويشهد على ما فيها ويكتب فيها ما يحتاج إليه، فإن تجدد أمر يحتاج إلى الوصية به ألحقه با. وقال النووي: قالوا: لا يكلف أن يكتب كل يوم محقرات المعاملات وجريان الأمور المتكررة، ولا يقتصر على الكتابة بل لا يعمل بها ولا ينتفع إلا إذا كان أشهد عليه بها، هذا مذهبنا، ومذهب الجمهور. فإن قلت: من أين اشتراط الإشهاد وإضمار الإشهاد فيه بعد؟ قلت: استدل على اشتراط الإشهاد بأمر خارج لقوله تعالى: * (شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية) * (المائدة: 601). فإنه يدل على اشتراط الإشهاد في الوصية. وقال القرطبي: الكتابة مبالغة في زيادة التوثيق، وإلا فالوصية المشهود بها متفق عليها، ولو لم تكن مكتوبة. وفيه: الندب إلى التأهب للموت والاحتراز قبل الفوت لأن الإنسان لا يدري متى يفجأه الموت. وفيه: يستدل بقوله: له شيء. أو: له مال، على صحة الوصية بالمنافع، وهو قول الجمهور، ومنعه ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وداود الظاهري وأتباعه، واختاره ابن عبد البر، والله أعلم.
تابعه محمد بن مسلم عن عمر و عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: تابع مالكا في أصل الحديث: محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنهما، وروى هذه المتابعة الدارقطني في (الأفراد) من طريقه. وقال: تفرد بن عمران بن أبان الواسطي عن محمد بن مسلم، وعمران أخرج له النسائي وضعفه، وقال ابن عدي: له غرائب عن محمد بن مسلم، ولا أعلم به بأسا، ولفظه عند الدارقطني: (لا يحل لمسلم أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده). ومحمد بن مسلم بن سوسن، ويقال ابن سوسن، ويقال: ابن سس، ويقال: ابن سنين، ويقال: ابن شونيز الطائفي يعد في المكيين، وعن أحمد: ما أضعف حديثه، وعن يحيى: ثقة، وعنه: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات. استشهد به البخاري في (الصحيح) وروى له في الأدب، وروى له الباقون، مات سنة سبع وسبعين ومائة بمكة.
9372 حدثنا إبراهيم بن الحارث قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا زهير بن معاوية الجعفي قال حدثنا أبو إسحاق عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله، صلى الله عليه وسلم أخو جويرية بنت الحارث قال ما ترك رسول الله، صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا