عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٢٢٥
عبد الله في قوله تعالى: * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) * (الفتح: 81). قال جابر: (بايعنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت)، وسيأتي عن عبادة، رضي الله تعالى عنه، بايعنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، وروي من حديث معقل بن يسار، قال: لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم (يبايع الناس وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة ومائة). وقال: لم نبايعه على الموت.
3692 حدثنا إسحاق بن إبراهيم سمع محمد بن فضيل عن عاصم عن أبي عثمان عن مجاشع رضي الله تعالى عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وأخي فقلت بايعنا على الهجرة فقال مضت الهجرة لأهلها فقلت علام تبايعنا قال على الإسلام والجهاد.
..
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (والجهاد) لأن مبايعتهم على الجهاد لم تكن إلا على أن لا يفروا، وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه، ومحمد بن فضيل، بضم الفاء مصغر فضل ابن غزوان أبو عبد الرحمن الضبي مولاهم الكوفي، وعاصم هو ابن سليمان الأحول، وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي، بالنون البصري، وقد مر غير مرة ومجاشع، بضم الميم وتخفيف الجيم وكسر الشين المعجمة وفي آخره عين مهملة: ابن مسعود السلمي، بضم السين، وفي بعض النسخ أبوه مسعود مذكور، ومجاشع هذا قتل يوم الجمل، وكان له فرس يسابق عليها، وقد أخذ في غاية واحدة خمسين ألف دينار.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن عمرو بن خالد وعن محمد بن أبي بكر وفي الجهاد أيضا عن إبراهيم بن موسى. وأخرجه مسلم في المغازي عن محمد بن الصباح وعن سويد بن سعيد وعن أبي بكر بن أبي شيبة.
قوله: (وأخي)، أخوه اسمه: مجالد بضم، الميم وتخفيف الجيم: ابن مسعود السلمي، قال أبو عمر: له صحبة ولا أعلم له رواية، كان إسلامه بعد إسلام أخيه، بعد الفتح، ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه: أن مجالد بن مسعود قتل يوم الجمل، وأنه روي عنه أبو عثمان النهدي وقال أبو عمر لم يقل في مجاشع أنه قتل يوم الحمل قولهم ولا شك أنه قتل يوم الجمل ولا تبعد رواية أبي عثمان عنهما، كذا قال في (الاستيعاب) قوله: (بايعنا)، بكسر الياء: أمر من بايع، يخاطب به مجاشع النبي صلى الله عليه وسلم، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (مضت الهجرة لأهلها)، وهم الذين هاجروا قبل الفتح، وحديث مجاشع كان بعد الفتح، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (لا هجرة بعد الفتح إنما هو جهاد ونية)، فكان من بايع قبل الفتح لزمه الجهاد أبدا ما عاش إلا لعذر يجوز له التخلف، وأما من أسلم بعد الفتح فله أن يجاهد وله أن يتخلف بنية صالحة. كما قال: (جهاد ونية)، إلا أن ينزل عدو أو ضرورة، فيلزم الجهاد كل أحد. قوله: (فقلت علام تبايعنا؟) أي: على أي شيء تبايعنا؟ وأصله: على ما، لأن: ما، الاستفهامية جرت فيجب حذف الألف عنها وإبقاء الفتحة دليلا عليها، نحو: فيم، وإلام، وعلام، وعلة حذف الألف الفرق بين الاستفهام والخبر، وأما قراءة عكرمة وعيسى * (عما يتساءلون) * (النبأ: 1). فنادر. وقال ابن التين: كان من هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفتح من غير أهل مكة وبايعه على المقام بالمدينة كان عليه المقام بها حياته، صلى الله عليه وسلم، ومن لم يشترط المقام من غير أهل مكة بايع ورجع إلى موضعه، كفعل عمر بن
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»