الرضا وقبول الوسيلة وإنجاح الطلبة، فمعناه: أن الله يجزل العطاء لهما لأنه هو مقتضى الضحك وموجبه، أو يكون معناه: تضحك ملائكة الله من صنيعهما، لأن الإيثار على النفس أمر نادر في العادة مستغرب في الطباع، وقال ابن حبان في (صحيحه): يريد: أضحك الله ملائكته من وجود ما قضى. وقال ابن فورك: أي: يبدي الله من فضله توفيقا لهذين الرجلين، كما تقول العرب: ضحكت الأرض من النبات إذا ظهر فيها، وكذلك قالوا للطلع إذا انفتق عنه: كفري الضحك، لأجل أن ذلك يبدو منه البياض الظاهر كبياض الثغر، وقال الداودي: أراد قبول أعمالهما ورحمتهما والرضا عنهما. قوله: (إلى رجلين)، عدى: بإلى، لتضمنه معنى الإقبال، يقال: ضحكت إلى فلان إذا توجهت إليه بوجه طلق، وأنت عنه راض. قلت: هذا يدل على أن المراد بالضحك هنا الإقبال بالوجه. قوله: (يدخلان الجنة) في محل الجر لأنها صفة للرجلين، وفي رواية مسلم من طريق همام عن أبي هريرة، قالوا: كيف يا رسول الله؟. قوله: (يقاتل هذا)، جملة مستأنفة، يدل عليه رواية مسلم هذه، لأن المعنى: قالوا: يا رسول الله! كيف يدخلان الجنة؟ فقال: (يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل)، على صيغة المجهول، وزاد في رواية همام: (فيلج الجنة، ثم يتوب الله على القاتل)، أي: فيسلم. وفي رواية همام: (فيهديه الله إلى الإسلام، ثم يجاهد في سبيل الله فيستشهد).
وقال أبو عمر: يستفاد من هذا الحديث أن كل من قتل في سبيل الله فهو في الجنة. وقال أيضا: معنى هذا الحديث عند أهل العلم: أن القاتل الأول كان كافرا. قيل: هو الذي استنبطه البخاري في ترجمته، ولكن لا مانع أن يكون مسلما، لعموم قوله: (ثم يتوب الله على القاتل) كما لو قتل مسلم مسلما عمدا بلا شبهة ثم تاب القاتل واستشهد في سبيل الله عز وجل.
7282 حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري قال أخبرني عنبسة بن سعيد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بعدما افتتحوها فقلت يا رسول الله أسهم لي فقال بعض بني سعيد بن العاص لا تسهم له يا رسول الله فقال أبو هريرة هذا قاتل ابن قوقل فقال ابن سعيد بن العاص واعجبا لوبر تدلى علينا من قدوم ضأن ينعى علي قتل رجل مسلم أكرمه الله على يدي ولم يهنيء على يديه قال فلا أدري أسهم له أم لم يسهم له قال سفيان وحدثنيه السعيدي عن أبي هريرة قال أبو عبد الله السعيدي عمرو ابن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قول ابن سعيد بن العاص، وهو أبان بن سعيد: أكرمه الله بيدي)، وأراد بذلك أن ابن قوقل وهو النعمان استشهد بيد أبان فأكرمه الله بالشهادة، ولم يقتل أبان على كفره فيدخل النار، بل عاش حتى تاب وأسلم وكان إسلامه قبل خيبر وبعد الحديبية، وهذا هو عين الترجمة.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: الحميدي، بضم الحاء المهملة: هو عبد الله بن الزبير أبو بكر، منسوب إلى أحد أجداده: حميد بن زهير وهو بطن من قريش. الثاني: سفيان بن عيينة. الثالث: محمد بن مسلم الزهري. الرابع: عنبسة، بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة وبالسين المهملة: ابن سعيد الأموي.
الخامس: أبو هريرة.
وفيه: أربعة أنفس أيضا. الأول: هو قوله: بعض بني سعيد بن العاص، هو أبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، قال الزبير: تأخر إسلامه بعد إسلام أخويه: خالد وعمرو، ثم أسلم أبان وحسن إسلامه. قال أبو عمر: وكان إسلام أبان بن سعيد بين الحديبية وخيبر، وقال ابن إسحاق: قتل أبان وعمرو ابنا سعيد بن العاص يوم اليرموك، ولم يتابع عليه ابن إسحاق، وكانت اليرموك يوم الاثنين لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة في خلافة عمر، وقال موسى بن عقبة: قتل أبان يوم أجنادين، وكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة في خلافة أبي بكر، رضي الله تعالى عنه. وقيل: إنه قتل أيام مرج الصفر، وكان في صدر خلافة عمر سنة أربع عشرة، وكان الأمير يوم مرج الصفر خالد بن الوليد، رضي الله تعالى عنه. الثاني: ابن قوقل: هو النعمان بن مالك بن ثعلبة بن أصرم، بالصاد