عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٧٩
بالحبشة، وكان آية في الكرم ويسمى ببحر الجود وله صحبة، مات سنة ثمانين من الهجرة. قوله: (أو ألف دينار)، شك من الراوي. قوله: (فأعتقه)، وفي رواية إسماعيل بن أبي حكيم، فقال: إذهب أنت حر لوجه الله تعالى.
ذكر ما يستفاد منه: قال الخطابي: فيه: ينبغي أن يكون المعتق كامل الأعضاء، ولا ينبغي أن يكون ناقص الأعضاء بعور أو شلل وشبههما، ولا معيبا بعيب يضر بالعمل ويخل بالسعي والاكتساب، وربما كان نقص الأعضاء زيادة في الثمن كالخصي إذ يصلح لما يصلح له غيره من حفظ الحريم ونحوه، فلا يكره على أنه لا يخل بالعمل. وقال القاضي عياض: اختلف العلماء أيما أفضل: عتق الإناث أو الذكور؟ فقال بعضهم: الإناث أفضل، وقال آخرون: الذكور أفضل، لحديث أبي أمامة ولما في الذكر من المعاني العامة التي لا توجد في الإناث، ولأن من الإماء من لا ترغب في العتق وتضيع به بخلاف العبد، وهذا هو الصحيح، واستحب بعض العلماء أن يعتق الذكر والأنثى، مثلها ذكره الفرغاني في (الهداية) ليتحقق مقابلة الأعضاء بالأعضاء، وقال ابن العربي: الزنا كبيرة لا يكفر إلا بالتوبة، فيحمل هذا الحديث على أنه أراد مس الأعضاء بعضها بعضا من غير إيلاج، ويحتمل أن يريد: أن لعتق الفرج حظا في الموازنة فيكفر. وفيه: فضل العتق، وأنه من أرفع الأعمال وربما ينجي الله به من النار. وفيه: أن المجازاة قد تكون من جنس الأعمال فجوزي المعتق للعبد بالعتق من النار. وفيه: أن تقويم باقي العبد لمن أعتق شقصا منه إنما هو لاستعمال عتق نفسه بتمامها من النار، وصارت حرمة العتق تتعدى إلى الأموال لفضل النجاة به من النار، قيل: وهذا أولى من قول من قال: إنما ألزم عتق باقيه لتكميل حرية العبد. وفيه: أن عتق المسلم أفضل من عتق الكافر، وهو قول كافة العلماء، وحكي عن مالك وبعض أصحابه أن الأفضل عتق الرقبة النفيسة وإن كان كافرا.
2 ((باب أي الرقاب أفضل)) أي: هذا باب يذكر فيه: أي الرقاب أفضل للعتق؟ وكلمة: أي: هنا للاستفهام.
8152 حدثنا عبيد لله بن موساى عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيله قلت فأي الرقاب أفضل قال أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها قلت فإن لم أفعل قال تعين ضايعا أو تصنع لأخرق قال فإن لم أفعل قال تدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك.
مطابقته للترجمة في قوله: (فإي الرقاب أفضل؟).
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: عبيد الله بن موسى بن باذام أبو محمد العبسي. الثاني: هشام بن عروة. الثالث: أبوه عروة بن الزبير بن العوام. الرابع: أبو مراوح، بضم الميم وتخفيف الراء وكسر الواو وفي آخره حاء مهملة على وزن مقاتل، وفي رواية مسلم الليثي: ويقال له الغفاري، قيل: اسمه سعد، والأصح أنه لا يعرف له اسم، وقال الحاكم أبو أحمد: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره. الخامس: أبو ذر الغفاري، واسمه جندب بن جنادة.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: أن رجاله كلهم مدنيون إلا شيخه فإنه كوفي. وفيه: أن هذا الإسناد في حكم الثلاثيات لأن هشام بن عروة الذي هو شيخ شيخه من التابعين، وإن كان روى هنا عن تابعي آخر، وهو أبوه عروة. وفيه: ثلاثة من التابعين في نسق وهم: هشام وأبوه وأبو مراوح، وفي رواية مسلم عن الزهري عن حبيب مولى عروة عن عروة فصار فيه أربعة من التابعين. وفيه: رواية الراوي عن أبيه. وفيه: أن ليس لأبي مراوح في البخاري غير هذا الحديث. وفيه: عن هشام بن عروة وفي رواية الحارث بن أبي أسامة عن عبيد الله ابن موسى: أخبرنا هشام بن عروة. وفيه: هشام بن عروة عن أبيه، وفي رواية الإسماعيلي: أخبرني أبي أن أبا مراوح أخبره. وفيه: عن أبي ذر، وفي رواية يحيى بن سعيد: أن أبا ذر أخبره، وذكر الإسماعيلي جماعة أكثر من عشرين نفسا رووا هذا الحديث عن هشام بالإسناد المذكور، وخالفهم مالك فأرسله في المشهور عنه عن هشام عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه يحيى بن يحيى
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»