المدعي، فقيل: المدع من لا يستحق إلا بحجة كالخارج، وقيل: المدعي من يتمسك بغير الظاهر، وقيل: المدعي من يذكر أمرا خفيا خلاف الظاهر. وقيل: المدعي من إذا ترك ترك، وهذا هو الأحسن لكونه جامعا ومانعا. والمدعى عليه من يستحق بقوله من غير حجة كصاحب اليد، وقيل: من يتمسك بالظاهر، وقيل: من إذا ترك لا يترك بل يجبر، وهذا أيضا أحسن ما قيل فيه.
4152 حدثنا خلاد بن يحيى قال حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال كتبت إلى ابن عباس فكتب إلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن اليمين على المدعى عليه .
مطابقته لجزء الترجمة، وهو قوله: (واليمين على المدعى عليه). وخلاد، بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام: ابن يحيى بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي، وهو من أفراده، ونافع بن عمر بن عبد الله الجمحي من أهل مكة، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، واسمه: زهير بن عبد الله أبو محمد المكي الأحول، كان قاضيا لابن الزبير ومؤذنا له.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الشهادات عن أبي نعيم، وفي التفسير عن نصر بن علي. وأخرجه مسلم في الأحكام عن أبي الطاهر ابن السرح وعن أبي بكر بن أبي شيبة. وأخرجه أبو داود في القضايا عن القعنبي عن نافع بن عمر مختصرا. وأخرجه الترمذي في الأحكام عن محمد بن سهيل. وأخرجه النسائي في القضاء عن علي بن سعيد عن محمد بن عبد الأعلى. وأخرجه ابن ماجة في الأحكام عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب في معناه.
قوله: (كتبت إلى ابن عباس) يعني: كتبت إليه أسأله في قضية امرأتين ادعت إحداهما على الأخرى، على ما يجيء في تفسير سورة آل عمران. قوله: (فكتب إلى...) إلى آخره: الكتابة حكمها حكم الاتصال لا الانقطاع، والخلاف فيها معروف في علوم الحديث، وقد قال بصحته أيوب ومنصور وآخرون، وهو الصحيح المشهور كما قال ابن الصلاح، وهو الصحيح أيضا عند الأصوليين، كما ذكره في المحصول، وفي الصحيح عدة أحاديث، من ذلك: قال البخاري في الأيمان والنذور: كتب إلى محمد بن بشار، وعند مسلم: أن جابر بن سمرة كتب إلى عامر بن سعد بن أبي وقاص بحديث رجم الأسلمي، وذهب أبو الحسن بن القطان إلى انقطاع الرواية بالكتابة، وأنكر عليه في ذلك، وممن ذهب إلى عدم صحة الكتابة: الماوردي، كما ذهب إليه في الإجارة. قوله: (قضى أن اليمين على المدعى عليه)، قيل: إن البخاري حمله على عمومه، خلافا لمن قال: إن القول في الرهن قول المرتهن ما لم يجاوز قدر الرهن، لأن الرهن كالشاهد للمرتهن. وقال الداودي: الحديث خرج مخرج العموم وأريد به الخصوص، وقال ابن التين: والأولى أن يقال: إنها نازلة في عين والأفعال لا عموم لها كالأقوال في الأصح، وقد جاء في حديث: إلا في القسامة، أي: فإنها على المدعى إذا قال: دمي عند فلان، وادعى ابن التين أن الشافعي وأبا حنيفة وجماعة من متأخري المالكية أبوا ذلك، ثم قال: وقيل: يحلف المدعي وإن لم يقل الميت: دمي عند فلان، وهو قول شاذ لم يقله أحد من فقهاء الأمصار. وقالت فرقة: لا يجب القتل إلا ببينة واعتراف القاتل. قلت: قوله: وقد جاء في الحديث (إلا في القسامة) هو حديث رواه ابن عدي في (الكامل)، والدارقطني من رواية مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: البينة على المدعي واليمين على من أنكر، إلا في القسامة.
6152 حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل قال قال عبد الله رضي الله تعالى عنه من حلف على يمين يستحق بها مالا وهو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان فأنزل الله تصديق ذلك * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * فقرأ إلى * (عذاب أليم) * (آل عمران: 77). ثم إن الأشعث ابن قيس خرج إلينا فقال ما يحدثكمح أبو عبد الرحمان قال فحدثناه قال فقال صدق لفي والله أنزلت كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال