عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٩٤
مطابقته للترجمة في قوله: (فبعته فاستثنيت حملانه إلى أهلي، فإنه بيع فيه شرط ركوب الدابة إلى مكان مسمى، وهو المدينة، وكان بينه وبين المدينة ثلاثة أيام، ومن هذا قال مالك: إن كان الاشتراط في الركوب إلى مكان قريب: كاليوم واليومين والثلاثة، فالبيع جائز، وإن كان أكثر من ذلك فلا يجوز.
وأبو نعيم، بضم النون: الفضل بن دكين، وزكرياء هو ابن أبي زائدة الكوفي، وعامر هو الشعبي. والحديث مضى في الاستقراض وغيره، ومضى الكلام فيه هناك، ولنتكلم أيضا لزيادة الفائدة، وإن وقع مكررا.
قوله: (قد أعيى) أي: تعب. قوله: (فضربه فدعا له) كذا بالفاء فيهما، كأنه عقب الدعاء له بضربه، وفي رواية مسلم وأحمد من هذا الوجه: فضربه برجله ودعا له، وفي رواية يونس بن بكير عن زكرياء عند الإسماعيلي، فضربه ودعا له فمشى مشية ما مشى قبل ذلك مثلها وفي رواية مغيرة: فزجره ودعا له، وفي رواية عطاء وغيره عن جابر التي تقدمت في الوكالة: فمر بي النبي، صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا؟ قلت: جابر بن عبد الله. قال: مالك؟ قلت: إني على جمل ثقال، فقال: أمعك قضيب؟ قلت: نعم. قال: أعطنيه. فأعطيته فضربه فزجره، فكان من ذلك المكان من أول القوم. وفي رواية النسائي، من هذا الوجه: فأزحف، فزجره النبي، صلى الله عليه وسلم، فانبسط حتى كان أمام الجيش، وفي رواية وهب بن كيسان عن جابر التي تقدمت في البيوع: (فتخلف فنزل فحجنه بمحجنه)، ثم قال لي: إركب، فركبته فقد رأيته أكفه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعند أحمد، من هذا الوجه: قلت: يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا. قال: أنخه، وأناخ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أعطني هذه العصا، أو اقطع لي عصا من هذه الشجرة، فقطعت، فأخذها فنخسه بها نخسات، ثم قال: إركب، فركبت. وفي رواية الطبراني من حديث زيد ابن أسلم عن جابر: فأبطأ علي جملي حتى ذهب الناس، فجعلت أرقبه ويهمني شأنه، فإذا النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أجابر؟ قلت: نعم. قال: ما شأنك؟ قلت: أبطأ علي جملي، فنفث فيها، أي: في العصا. ثم مج من الماء في نحره، ثم ضربه بالعصا، فانبعث فما كدت أمسكه، وفي رواية أبي الزبير عن جابر عند مسلم، فكنت بعد ذلك أحبس خطامه لأسمع حديثه، وله من طريق أبي نضرة عن جابر: فنخسه ثم قال: إركب بسم الله، زاد في رواية مغيرة، فقال: كيف ترى بعيرك؟ قلت: بخير، قد أصابته بركتك. قوله: (فسار بسير)، سار ماض، وبسير: جار ومجرور، ومصدر ليس يسير بلفظ فعل المضارع. قوله: (بعنيه بوقية)، بفتح الواو وحذف الألف فيه، لغة، قال الجوهري: وهي أربعون درهما. قلت: كان هذا في عرفهم في ذلك الزمان، وفي عرف الناس بعد ذلك عشرة دراهم، وفي عرف أهل مصر اليوم اثني عشر درهما، وفي عرف أهل الشام: خمسون درهما، وفي عرف أهل حلب: ستون درهما، وفي عرف أهل عينتاب: مائة درهم، وفي عرض بعض أهل الروم: مائة وخمسون درهما، وفي مواضع أكثر من ذلك، حتى إن موضعا فيه الوقية ألف درهم. قوله: (قلت: لا) أي: لا أبيعه. قال ابن التين: قوله: لا، ليس بمحفوظ إلا أن يريد: لا أبيعكه، هو لك بغير ثمن. قلت: كأن ابن التين نزه جابرا عن قوله: لا، لسؤال النبي، صلى الله عليه وسلم، ولكنه ثبت قوله لا ولكن معناه لا أبيع بل أهبه لك والنفي يوتوجه لترك البيع لا الكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم والدليل عليه رواية وهب بن كيسان عن جابر عند أحمد: أتبيعني جملك هذا يا جابر؟ قلت: بل أهبه لك. فإن قلت: جاء في رواية أحمد: فكرهت أن أبيعه. قلت: كراهته لوقوع صورة البيع بينه وبين رسول الله، صلى الله عليه وسلم. لأن قصده كان صورة الهبة فالكراهة لا ترجع إلى سؤال الرسول عليه الصلاة والسلام ولكنه لما سأله ثانيا أجاب بالبيع امتثالا لكلامه، ومع هذا أخذ الثمن، والجمل على ما دل عليه الحديث. قوله: (فاستثنيت حملانه) بضم الحاء أي: حمله، أي: اشترطت أن يكون لي حق الحمل عليه إلى المدينة، كأنه استثنى هذا الحق من حقوق البيع، وفي رواية الإسماعيلي بلفظ: واستثنيت ظهره إلى أن تقدم. قوله: (فلما قدمنا) أي: المدينة، وفي رواية مغيرة عن الشعبي المتقدمة في الاستقراض: فلما دنونا من المدينة استأذنته، فقال: تزوجت بكرا أم ثيبا. وسيأتي في النكاح، فقدمت المدينة فأخبرت خالي ببيع الجمل، فلامني، وفي رواية أحمد من رواية نبيح: أتيت عمتي بالمدينة فقلت لها: ألم تري أني بعت ناضحنا؟ فما رأيتها أعجبها. قلت: نبيح، بضم النون وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة: واسم خال جابر، جد، بفتح الجيم وتشديد الدال. ابن قيس، واسم عمته. هند بنت عمر. وقوله: (على إثري) بكسر الهمزة أي: ورائي. قوله: (ما كنت لآخذ
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»