عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٩٥
جملك) ووقع في رواية أبي نعيم، شيخ البخاري بلفظ: أتراني إنما ماكستك لآخذ جملك ودراهمك؟ همالك. قوله: (ماكستك) من المماكسة أي: المناقصة في الثمن، ووقع في رواي البزار، من طريق أبي المتوكل عن جابر: أن الجمل كان أحمر.
قال شعبة عن مغيرة عن عامر عن جابر أفقرني رسول الله، صلى الله عليه وسلم ظهره إلى المدينة أشار البخاري بهذا، وبما بعده إلى اختلاف ألفاظ جابر، رضي الله تعالى عنه، مغيرة هو ابن مقسم الكوفي، وعامر هو الشعبي وهذا التعليق وصله البيهقي من طريق يحيى بن كثير عنه. قوله: أفقرني، بتقديم الفاء على القاف، أي: حملني على فقاره، وهو عظام الظهر.
وقال إسحاق عن جرير عن مغيرة فبعته على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة إسحاق هو ابن إبراهيم المعروف بابن راهويه، وجرير هو ابن عبد الحميد، وهو التعليق يأتي موصولا في الجهاد.
وقال عطاء وغيره لك ظهره إلى المدينة عطاء هو ابن أبي رباح يعني: روى عطاء عن جابر وغيره أيضا بهذا اللفظ، وهذا التعليق تقدم موصولا في الوكالة.
وقال محمد بن المنكدر عن جابر شرط ظهره إلى المدينة هذا التعليق وصله البيهقي من طريق المنكدر عن أبيه به، ووصله الطبراني من طريق عثمان بن محمد الأخنسي عن محمد بن المنكدر، بن محمد بن المنكدر بلفظ: فبعته إياه وشرطت إلى ركوبه إلى المدينة.
وقال زيد بن أسلم عن جابر ولك ظهره حتى ترجع هذا التعليق وصله الطبراني والبيهقي من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه بتمامه.
وقال أبو الزبير عن جابر أفقرناك ظهره إلى المدينة أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس، وهذا التعليق وصله البيهقي من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي الزبير به، وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: فبعته منه بخمس أواق. قلت: على أن لي ظهره إلى المدينة. قال: ولك ظهره إلى المدينة. وللنسائي من طريق ابن عيينة عن أيوب. قال: أخذته بكذا وكذا، وقد أعرتك ظهره إلى المدينة.
وقال الأعمش عن سالم عن جابر تبلغ عليه إلى أهلك الأعمش هو سليمان. وسالم هو ابن أبي الجعد، وهذا التعليق وصله أحمد ومسلم وعبد بن حميد من طريق الأعمش. فلفظ أحمد: قد أخذته بوقية أركبه فإذا قدمت فأتنا به، ولفظ مسلم: فتبلغ عليه إلى المدينة، ولفظ عبد بن حميد: تبلغ عليه إلى إهلك، وكذا لفظ ابن سعد والبيهقي.
قال أبو عبيد الله الاشتراط أكثر وأصح عندي أبو عبد الله هو البخاري نفسه، أشار بذلك إلى أن الرواة اختلفوا في قضية جابر هذه: هل وقع الشرط في العقد عند البيع أو كان ركوبه للجمل بعد بيعه إباحة من النبي، صلى الله عليه وسلم بعد شرائه على طريق العارية؟ وقال: وقوع الإشتراط فيه أكثر طرقا وأصح عندي مخرجا، وهذا وجه من وجوه الترجيح، ومن جملة من صحح الاشتراط الإمام الحافظ الطحاوي، رحمه الله، ولكنه تأول بأن البيع المذكور لم يكن على الحقيقة، لقوله في آخره: (أتراني ماكستك...) إلى آخره، قال: إنه يشعر بأن القول المتقدم لم يكن على التبايع حقيقة. قيل: رده القرطبي، (بأنه دعوى مجردة وتغيير وتجريف)، لا تأويل، (وكيف يصنع قائله في قوله: بعته منك بأوقية بعد المساومة). وقوله: (قد أخذته)، وغير ذلك من الألفاظ المنصوصة في ذلك، انتهى. قلت: لا تسلم أنه دعوى مجردة، بل أثبت ما قاله بقوله: (أتراني ماكستك؟) وبقوله أيضا لجابر: (ترى إني إنما حبستك لأذهب ببعيرك، يا بلال! أعطه أوقية، وخذ بعيرك، فهما، لك). فهذا صريح أنه: لم يكن ثمة عقد حقيقة؟ فضلا عن أن يكون فيه شرط، وقال ابن حزم: أخبر
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»