عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٨٨
31 ((باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة في ذلك)) أي: هذا باب في بيان حكم الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث، وهم الوارثة. وقال الكرماني: لفظ: بين، يقتضي طرفين: الغرماء وأصحاب الميراث. قلت: كلامه يشعر أن الصلح بين الغرماء وبين أصحاب الميراث، فقط، وليس كذلك، بل كلامه أعم من أن يكون بينهم وبينهم، ومن أين يكون بين كل من الغرماء وأصحاب الميراث. قوله: والمجازفة في ذلك، يعني عند المعاوضة، أراد أن المجازفة في الاعتياض عن الدين جائزة.
وقال ابن عباس لا بأس أن يتخارج الشريكان فيأخذ هذا دينا وهذا عينا فإن توي لأحدهما لم يرجع على صاحبه هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة، واختلف العلماء فيه، فقال الحسن البصري: إذا اقتسم الشريكان الغرماء فأخذ هذا بعضهم وهذا بعضهم، فتوى نصيب أحدهما وخرج نصيب آخر، قال: إذا أبرأه منه فهو جائز، وقال النخعي: ليس بشيء وما توى أو خرج فهو بينهما نصفان، وهو قول مالك والشافعي والكوفيين، وقال سحنون: إذا قبض أحد الشريكين من دينه عرضا، فإن صاحبه بالخيار، إن شاء جوز له ما أخذ واتبع الغريم بنصيبه، وأن شاء رجع على شريكه بنصف ما قبض واتبعا الغريم جميعا بنصف الدين فاقتسماه بينهما نصفين، وهذا قول ابن القاسم. قوله: (فإن توي) بفتح التاء المثناة من فوق والواو: أي هلك واضمحل، وضبطه بعضهم بكسر الواو على وزن: علم، قال ابن التين: وليس هذا ببين، واللغة هو الأول.
9072 حدثني محمد بن بشار قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا عبيد الله عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال توفي أبي وعليه دين فعرضت على غرمائه أن يأخذوا التمر بما عليه فأبوا ولم يروا أن فيه وفاء فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذالك له فقال إذا جددته فوضعته في المربد آذنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم فجاء ومعه أبو بكر وعمر فجلس عليه ودعا بالبركة ثم قال ادع غرماءك فأوفهم فما تركت أحدا له على أبي دين إلا قضيته وفضل ثلاثة عشر وسقا سبعة عجوة وستة لون أو ستة عجوة وسبعة لون فوافيت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم المغرب فذكرت ذالك له فضحك فقال ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما فقالا لقد علمنا أذ صنع رسول الله، صلى الله عليه وسلم ما صنع أن سيكون ذلك. وقال هشام عن وهب عن جابر صلاة العصر ولم يذكر أبا بكر ولا ضحك وقال وترك أبي عليه ثلاثين وسقا دينا وقال ابن إسحاق عن وهب عن جابر صلاة الظهر.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، لأن فيه صلح الوارث مع الغرماء يشعر بذلك. قوله: (فما تركت أحدا له على أبي دين إلا قضيته) لأن فيهم من لا يخلو عن الصلح في قبض دينه.
وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وعبيد الله بن عمر، وقد مضى الحديث في الاستقراض في: باب إذا قاص أو جازفه في الدي. وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى، ولنتكلم هنا بعض شيء.
قوله: (إذا جددته)، بالدال المهملة والمعجمة أي: إذا قطعته. قوله: (في المربد)، بكسر الميم وسكون الراء وفتح الباء الموحدة وبالدال المهملة. وهو الموضع الذي يحبس فيه الإبل وغيره، وأهل المدينة يسمون الموضع الذي يجفف فيه التمر مربدا، والجرين في لغة أهل نجد. قوله: (آذنت)، أي: أعلمت، وضع المظهر موضع المضمر لتقوية الداعي وللإشعار بطلب البركة منه، أو نحوه. قوله: (وفضل)، من باب دخل يدخل، وجاء من باب حذر يحذر، ومن باب فضل بالكسر يفضل بالضم، وهو شاذ. قوله: (عجوة)، وهو ضرب من أجود تمور المدينة. قوله: (لون)، قال ابن الأثير: اللون نوع من النخل، وقيل: هو الدقل، وقيل: النخل كله
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»