عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٨٦
الرفق: بالرفق في المطالبة وهو الإمهال.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: الحض على الرفق بالغريم والإحسان إليه بالوضع عنه. وفيه: الزجر عن الحلف على ترك فعل الخير، وقال الداودي: إنما كره ذلك لكونه حلف على ترك أمر عسى أن يكون قد قدر الله وقوعه، واعترض عليه ابن التين بأنه: لو كان كذلك لكره الحلف لمن حلف: ليفعلن خيرا، وليس كذلك، بل الذي يظهر أنه كره له قطع نفسه عن فعل الخير، قال: ويشكل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، فقال: أفلح إن صدق، ولم ينكر عليه حلفه على ترك الزيادة، وهي من فعل الخير. وأجيب: بأن في قصة الأعرابي كان في مقام الدعاء إلى الإسلام والاستمالة إلى الدخول فيه، بخلاف من تمكن في الإسلام، فيحضه على الازدياد من نوافل الخير. وفيه: سرعة فهم الصحابة لمراد الشارع وطواعيتهم لما يشير إليه وحرصهم على فعل الخير. وفيه: الصفح عما يجري بين المتخاصمين من اللغظ ورفع الصوت عند الحاكم. وفيه: جواز سؤال المديون الحطيطة من صاحب الدين، خلافا لمن كرهه من المالكية، واعتل بما فيه من تحمل المنة، وقال القرطبي: لعل من أطلق كراهته أنه أراد أنه خلاف الأولى. قلت: ينبغي أن يكون مذهب أبي حنيفة أيضا هكذا لأنه علل في جواز تيمم المسافر الذي عدم الماء، ومع رفيقه ماء، بقوله: لأن في السؤال ذلا. وقال النووي: وفيه: أنه لا بأس بالسؤال بالوضع والرفق لكن بشرط أن لا ينتهي إلى الإلحاح وإهانة النفس أو الإيذاء، ونحو ذلك إلا من ضرورة. وفيه: الشفاعة إلى أصحاب الحقوق وقبول الشفاعة في الخير. فإن قلت: هل كانت في يمين المتألي المذكور كفارة أم لا؟ قلت: قال صاحب (التوضيح): إن كانت يمينه بعد نزول الكفارة ففيها الكفارة، وقال النووي: ويستحب لمن حلف أن لا يفعل خيرا أن يحنث فيكفر عن يمينه.
6072 حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج قال حدثني عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك أنه كان له على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي مال فلقيه فلزمه حتى ارتفعت أصواتهما فمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا كعب فأشار بيده كأنه يقول النصف فأخذ نصف ماله عليه وترك نصفا.
.
مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث السابق. والحديث مضى في كتاب الصلاة في: باب التقاضي والملازمة في المسجد عن عبد الله بن محمد... إلى آخره. والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز، وروى ابن أبي شيبة أن الدين المذكور كان أوقيتين. وقال ابن بطال: هذا الحديث أصل لقول الناس: (خير الصلح على الشطر). قوله: (النصف)، منصوب بتقدير: ارتك النصف، أو نحوه.
11 ((باب فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم)) أي: هذا باب في بيان فضيلة الإصلاح إلى آخره.
7072 حدثنا إسحاق قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم كل سلاماى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين اثنين صدقة.
مطابقته للترجمة في قوله: (يعدل بين اثنين صدقة) وفيه الإصلاح أيضا على ما لا يخفى، وعطف العدل على الإصلاح من عطف العام على الخاص، وإسحاق هو ابن منصور، وهكذا وقع في رواية أبي ذر: ووقع في جميع الروايات غير روايته غير منسوب. ومعمر، بفتح الميمين: ابن راشد، وهمام، بالتشديد: ابن منبه.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن إسحاق بن نصر، وفي موضع آخر منه عن إسحاق: وأخرجه مسلم في الزكاة عن محمد بن رافع.
قوله: (كل سلامي) بضم السين المهملة وتخفيف
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»