وإسحاق، على أن الرجل إذا لم يكن محصنا وزنى فإنه يجلد مائة جلدة ويغرب عاما. وقال أبو عمر: لا خلاف بين المسلمين إن البكر إذا زنى يجلد مائة جلدة.
واختلفوا في التغريب، فقال مالك: ينفى الرجل ولا تنفى المرأة، ولا العبد، وقال الأوزاعي: ينفى الرجل ولا تنفى المرأة، وقال الثوري والشافعي والحسن بن حي: ينفى الزاني إذا جلد، امرأة كان أو رجلا. واختلف قول الشافعي في العبد، فقال مرة: استحيى الله في تغريب العبد، وقال مرة: ينفى العبد نصف سنة، وقال مرة: ينفى سنة إلى غير بلده، وبه وقال الطبري، وقال الترمذي: وقد صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم النفي والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، منهم أبو بكر وعمر وعلي وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وأبو ذر وغيرهم، وكذلك روي عن غير واحد من التابعين، وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال إبراهيم النخعي وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر: البكر إذا زنى جلد مائة ولا ينفى، إلا أن يرى الإمام أن ينفيه للدعارة التي كانت منه، فينفيه إلى حيث أحب، كما ينفي الدعار غير الزناة. قلت: الدعر والدعارة الشر والفساد. ومدة نفي الدعار موكولة إلى رأي الإمام، وروي عن عمر، رضي الله تعالى عنه، أنه غرب في الخمر، وكان عمر إذا غضب على رجل نفاه إلى الشام، وروي عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، أنه قطع يد سارق ونفاه إلى زرارة، وهي قرية قريبة من الكوفة، وكذا جاء النفي في المخنثين على ما يجيء في الكتاب، إن شاء الله تعالى.
واحتج أبو حنيفة ومن معه في ذلك بحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال: (إذا زنت ولم تحصن فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير...) الحديث، قالوا: فلما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم في الأمة: إذا زنت أن تجلد، ولم يأمر مع الجلد، نفي، وقال الله تعالى: * (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) * (النساء: 52). فأعلمنا بذلك أن ما يجب على الإماء إذا زنين هو نصف ما يجب على الحرائر إذا زنين، ثم ثبت أن لا نفي على الأمة إذا زنت، كذلك أيضا لا نفي على الحرة إذا زنت، وقال الطحاوي: وقال الطحاوي: وقد رويناه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن أن تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع محرم، فدل ذلك أن لا تسافر المرأة في حد الزنى ثلاثة أيام بغير محرم، وفي ذلك إبطال النفي عن النساء في الزنى. وانتفى ذلك عن الرجال أيضا، لأن في درئه إياه عن الحرائر دليل على درئه عن الأحرار. فإن قلت: يلزم الحنفية على ما ذكروا أن لا يمنعوا من تغريب المرأة إلى ما دون ثلاثة أيام. قلت: لا يلزمهم ذلك، لأن النفي ليس من الحد حتى يستعملوه فيما يمكنهم، وإنما هو من باب التعزير. وقالوا أيضا: النص جعل الحد مائة، والزيادة على مطلق النص نسخ، وما رووه منسوخ بحديث ماعز. قلت: هذا إذا ثبت تأخر أمر ماعز عنه، ولأن في التغريب تعريضا لها للفساد، ولهذا قال علي، رضي الله تعالى عنه: كفى بالنفي فتنة، وعمر، رضي الله تعالى عنه، نفي شخصا فارتد ولحق بدار الحرب، فحلف أن لا ينفى بعده أبدا، وبهذا عرف أن نفيهم كان بطريق السياسة والتعزيز لا بطريق الحد، لأن مثل عمر لا يحلف أن لا يقيم الحدود فافهم.
وفيه: أن أولى الناس بالقضاء الخليفة إذا كان عالما بوجوه القضاء. وفيه: أن المدعى أولى بالقول، والطالب أحق أن يتقدم بالكلام، وإن بدأ المطلوب. وفيه: أن الباطل من القضاء مردود، وما خالف السنة الواضحة من ذلك فباطل. وفيه: أن قبض من قضى له بما قضى له به إذا كان خطأ وجورا وخلافا للسنة، لا يدخله قبضه في ملكه، ولا يصح ذلك له، وعليه رده. وفيه: أن للعالم إن يفتي في مصر فيه من هو أعلم منه إذا أفتى بعلم. وفيه: أنه لم تقع الفرقة بينهما بالزنى. وفيه: أنه لا يجب على الإمام حضور المرجوم بنفسه. وفيه: دليل على وجوب قبول خبر الواحد. وفيه: أدب السائل في طلب الأذن. وفيه: أن الرجم لا يجب إلا على المحصن ، وهذا لا خلاف فيه، ولا يلتفت إلى ما يحكى عن الخوارج، وقد خالفوا السنن. وفيه: أنه لم يجعل قاذفا بقوله: زنى بامرأته. وفيه: أنه لم يشترط في الاعتراف التكرار، وهو حجة على الشافعي، وقال ابن أبي ليلى: وأحمد لا يجب إلا بالأعتراف أربع مرات. وفيه: أن للإمام أن يسأل المقذوف، فإن اعترف حكم عليه بالواجب، وإن لم يعترف وطالب القاذف أخذ له بحقه، وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء، فقال مالك: لا يحد الإمام القاذف حتى يطالبه المقذوف إلا أن يكون الإمام سمعه فيحده إن كان معه شهود غيره عدول، وقال أبو حنيفة وصاحباه والأوزاعي والشافعي: لا يحد القاذف إلا بمطالبة المقذوف. وقال ابن أبي ليلى: يحده الإمام، وإن لم يطلبه المقذوف. وفيه: أنه لم يسأله عن كيفية الزنى، لأنه مبين في قضية ماعز، وهذا صحيح، إن ثبت تأخير هذا الخبر عن خبر ماعز، فيحمل على أن الابن كان بكرا وعلي