عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٠٩
أحد على روايته من هذه الجهة مع إجماعهم أن لا شهادة لمحدود في قذف غير ثابت، فصار قبول خبره جاريا مجرى الإجماع، وفيه ما فيه.
وأجازه عبد الله بن عتبة وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير وطاووس ومجاهد والشعبي وعكرمة والزهري ومحارب بن دثار وشريح ومعاوية بن قرة أي: وأجاز الحكم المذكورة، وهو قبول شهادة المحدود في القذف عبد الله بن عتبة بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق: ابن مسعود الهذلي، ووصله الطبري من طريق عمران بن عمير. قال: كان عبد الله بن عتبة يجيز شهادة القاذف إذا تاب، وعمر بن عبد العزيز الخليفة المشهور ووصله الطبري والخلال من طريق ابن جريج عن عمران بن موسى: سمعت عمر بن عبد العزيز أجاز شهادة القاذف ومعه رجل، ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج فزاد مع عمر بن عبد العزيز أبات بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. قوله: (وسعيد بن جبير) التابعي المشهور، ووصله الطبري من طريقه بلفظ: تقبل شهادة القاذف إذا تاب. قوله: (وطاووس) هو ابن كيسان اليماني، ومجاهد بن جبر المكي، وصل ما روى عنهما سعيد بن منصور والشافعي والطبري من طريق ابن أبي نجيح، قال: القاذف إذا تاب تقبل شهادته، قيل له: من يقوله؟ قال: عطاء وطاووس ومجاهد. قوله: (والشعبي) هو عامر بن شراحيل، وصل ما روى عنه الطبري من طريق ابن أبي خالد عنه أنه كان يقول: إذا تاب قبلت شهادته. قوله: (وعكرمة)، هو مولى ابن عباس، وصل ما روى عنه البغوي في (الجعديات) عن شعبة عن يونس هو ابن عبيد عن عكرمة قال: إذا تاب القاذف قبلت شهادته. قوله: (والزهري)، هو محمد بن مسلم بن شهاب، وصل ما روى عنه ابن جرير عنه أنه قال: إذا حد القاذف فإنه ينبغي للإمام أن يستتيبه، فإن تاب قبلت شهادته، وإلا لم تقبل. قوله: (ومحارب)، بضم الميم وبالحاء المهملة وكسر الراء: ابن دثار، بكسر الدال المهملة وتخفيف الثاء المثلثة: الكوفي قاضيها، و: شريح، بضم الشين المعجمة القاضي، ومعاوية بن قرة بن إياس البصري أدرك جماعة من الصحابة. وقال بعضهم: هؤلاء الثلاثة من أهل الكوفة. قلت: لا نسلم قوله: إن معاوية من أهل الكوفة، بل هو من أهل البصرة، ولم يرو عن أحد منهم التصريح بقبول شهادة القاذف، وهؤلاء أحد عشر نفسا ذكرهم البخاري تقوية لمذهب من يرى بقبول شهادة القاذف، ورد المذهب من لا يرى بذلك، ومن لا يرى بذلك أيضا رووا عن ابن عباس ذكره ابن حزم عنه بسند جيد من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عنه أنه قال: شهادة القاذف لا تجوز وإن تاب، وهذا واحد يساوي هؤلاء المذكورين، بل يفضل عليهم، وكفى به حجة. وقال ابن حزم أيضا: وصح ذلك أيضا عن الشعبي في أحد قوليه، والحسن البصري ومجاهد في أحد قوليه، وعكرمة في أحد قوليه، وشريح وسفيان بن سعيد، وروى ابن أبي شيبة في (مصنفه): حدثنا أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب قالا: لا شهادة له وتوبته بينه وبين الله تعالى، وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وروى البيهقي من حديث المثنى بن الصباح وآدم بن فائد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجوز شهادة خائن ولا محدود في الإسلام). فإن قلت: قال البيهقي: آدم والمثنى لا يحتج بهما. قلت: في (مصنف) ابن أبي شيبة حدثنا عبد الرحمن بن سليمان عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا في قذف). فقد تابع الحجاج وهو ابن أرطأة آدم والمثنى، والحجاج أخرج له مسلم مقرون بآخر، ورواه أبو سعيد النقاش في (كتاب الشهود) تأليفه من حديث حجاج ومحمد بن عبيد الله العزرمي وسليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب، ورواه أحمد بن موسى بن مردويه في مجالسه من حديث المثنى عن عمرو عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.
وقال أبو الزناد الأمر عندنا بالمدينة إذا رجع القاذف عن قوله فاستغفر ربه قبلت شهادته أبو الزناد، بكسر الزاي وتخفيف النون: عبد الله بن ذكوان، وهذا التعليق وصله سعيد بن منصور من طريق حصين بن عبد الرحمن قال: رأيت رجلا جلد حدا في قذف بالزنا، فلما فرغ من ضربه أحدث توبة، فلقيت أبا الزناد، فقال لي: الأمر عندنا... فذكره.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»