(وثلاثة)، فقلنا: واثنان؟ قال: (واثنان)، ثم لم نسأله عن الواحد.
والحديث يأتي الآن في هذا الباب، وقد مضى في كتاب الجنائز في: باب ثناء الناس على الميت أيضا. وإنما لم يسألوا عن الواحد لأنهم كانوا يعتمدون قول الواحد في ذلك، لكنهم لم يسألوا عن حكمه، ويؤيده أيضا أن البخاري صرح بالاكتفاء في التزكية بواحد، على ما يجيء عن قريب، إن شاء الله تعالى. وحديث الباب مر في كتاب الجنائز أيضا في الباب المذكور.
قوله: (شهادة القوم) كلام إضافي مبتدأ وخبره محذوف تقديره: مقبولة. قوله: (المؤمنون) مبتدأ. وقوله: (شهداء الله)، خبره، هكذا هو في رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي والسرخسي: شهادة القوم المؤمنين، فيكون: المؤمنين، صفة القوم، ويكون شهادة القوم مرفوعا بالابتداء، وخبره محذوف كما في الصورة الأولى تقديره: شهادة القوم المؤمنين مقبولة. وقوله: (شهداء الله في الأرض) خبر مبتدأ محذوف، أي: هم شهداء الله في الأرض، وعن السهيلي: مع ما فيه من التعسف، رواه بعضهم برفع القوم فوجهه أن قوله: شهادة، مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هذه شهادة، وهي جملة مستقلة منقطعة عما بعدها، و: القوم، مرفوع بالابتداء، والمؤمنون، صفته. وقوله: (شهداء الله في الأرض)، خبره: وتكون هذه الجملة بيانا للجملة الأولى.
3462 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا داود بن أبي الفرات قال حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود قال أتيت المدينة وقد وقع بها مرض وهم يموتون موتا ذريعا فجلست إلى عمر رضي الله تعالى عنه فمرت جنازة فأثني خيرا فقال عمر وجبت ثم مر بأخرى فأثني خيرا فقال وجبت ثم مر بالثالثة فأثني شرا فقال وجبت فقلت ما وجبت يا أمير المؤمنين قال قلت كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة قلنا وثلاثة قال وثلاثة قلنا واثنان قال واثنان ثم لم نسأله عن الواحد.
(انظر الحديث 8631).
وجه المطابقة هنا مثل المذكور في الحديث السابق، وبريدة، بضم الباء الموحدة، وفتح الراء وأبو الأسود: اسمه ظالم ضد العادل مر مع الحديث في كتاب الجنائز في: باب الثناء على الميت. قوله: (وقد وقع بها مرض)، جملة حالية، وكذلك قوله: (وهم يموتون) أي: أهل المدينة. قوله: (ذريعا)، بالذال المعجمة أي: واسعا أو سريعا. قوله: (خيرا) بالنصب صفة لمصدر محذوف أي: ثناء خيرا أو منصوب بنزع الخافض، أي: بخير، وكذلك في الكلام في: شرا، بالنصب.
7 ((باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت القديم)) أي: هذا باب في بيان حكم الشهادة على الأنساب، وهو جمع نسب (والرضاع المستفيض)، أي: الشائع الذائع. قوله: (والموت القديم)، أي: العتيق الذي تطاول الزمان عليه وحده بعض المالكية بخمسين سنة، وقيل: بأربعين، والحاصل أن هذه الترجمة معقودة لشهادة الاستفاضة منها النسب والرضاع والموت، وقيد الرضاع بالاستفاضة والموت بالقدم، ومعنى الباب: أن ما صح من الأنساب والرضاع والموت بالاستفاضة، وثبت علمه بالنفوس وارتفعت فيه الريب والشك أنه لا يحتاج فيه لمعرفة عدد الذين بهم ثبت علم ذلك، ولا يحتاج إلى معرفة الشهود. ألا ترى أن الرضاع الذي في هذه الأحاديث المذكورة كلها كان في الجاهلية، وكان مستفيضا معلوما عند القوم الذين وقع الرضاع منهم وثبت به الحرية والنسب في الإسلام، ويجوز عند مالك والشافعي والكوفيين الشهادة بالسماع المستفيض في النسب والموت القديم والنكاح.
وقال الطحاوي: أجمعوا على أن شهادة السماع تجوز في النكاح دون الطلاق، ويجوز عند مالك والشافعي الشهادة على ملك الدار بالسماع، زاد الشافعي: والثوب أيضا، ولا يجوز ذلك عند الكوفيين، وقال مالك: لا تجوز الشهادة على ملك الدار بالسماع على خمس سنين ونحوها إلا مما يكثر من السنين، وهو بمنزلة سماع الولاء، وقال ابن القاسم: وشهادة السماع إنما هي ممن أتت عليه أربعون سنة، أو خمسون، وقال مالك: وليس أحد يشهد على أجناس الصحابة إلا على السماع، وقال عبد الملك: أقل ما يجوز في الشهادة على السماع أربعة شهداء من أهل العدل أنهم لم يزالوا يسمعون أن هذه الدار صدقة على بني فلان محبسة عليهم مما تصدق به فلان، ولم يزالوا يسمعون أن فلانا مولى فلان قد تواطأ ذلك عندهم وفشى من كثرة ما سمعوه من العدول ومن غيرهم ومن المرأة والخادم والعبد.
واختلف فيما يجوز من شهادة النساء في هذا الباب، فقال مالك: لا يجوز في الأنساب والولاء شهادة النساء مع الرجال، وهو قول الشافعي، وإنما يجوز مع الرجال في الأموال، وأجاز الكوفيون شهادة رجل وامرأتين في الأنساب، وأما الرضاع فقال أصحابنا: يثبت الرضاع بما يثبت به المال، وهو شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، ولا تقبل شهادة النساء المنفردات، وعند مالك بامرأتين، وعند أحمد بمرضعة فقط.
وقال النبي، صلى الله عليه وسلم أرضعتني وأبا سلمة ثويبة هذا قطعة من حديث رواه موصولا في الرضاع من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان، وإنما ذكر هذه القطعة هنا معلقة لأجل ما في الترجمة من قوله: والرضاع. قوله: (أرضعتني)، فعل ومفعول. (وأبا سلمة) بالنصب عطف على المفعول. (ثويبة)، بالرفع فاعله. وأبو سلمة، بفتح اللام: ابن عبد الأسد المخزومي، أسلم وهاجر إلى المدينة مع زوجته أم سلمة، ومات سنة أربع، فتزوجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وقال الذهبي: أبو سلمة بن عبد الأسد توفي سنة اثنتين، وثوبية مصغر الثوبة بالثاء المثلثة وبالباء الموحدة: مولاة أبي لهب، أرضعت أولا حمزة، رضي الله تعالى عنه، وثانيا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وثالثا أبا سلمة. قال الكرماني: واختلف في إسلامها، وقال الذهبي: يقال: إنها أسلمت.
والتثبت فيه